وأمّا إذا قلنا بأنّ الموضوع له هو القدر المشترك بين الواجدة لجميع الأجزاء والفاقدة لبعضها ـ نظير «السرير» الموضوع للأعمّ من جامع أجزائه ومن فاقد بعضها الغير المقوّم لحقيقته بحيث لا يخلّ فقده بصدق اسم «السرير» على الباقي ـ كان لفظ «الصلاة» من الألفاظ المطلقة الصادقة على الصحيحة والفاسدة. فإذا أريد بقوله : «أقيموا الصلاة» فرد مشتمل على جزء زائد على مسمّى الصلاة كالصلاة مع السورة ، كان ذلك تقييدا للمطلق ، وهكذا إذا اريد المشتملة على جزء آخر كالقيام ، كان ذلك تقييدا آخر للمطلق ، فإرادة الصلاة الجامعة لجميع الأجزاء يحتاج إلى تقييدات بعدد الأجزاء الزائدة على ما يتوقّف عليها صدق مسمّى الصلاة ، أمّا القدر الذي (١٧٢٢) يتوقّف عليه صدق «الصلاة» ، فهى من مقوّمات معنى المطلق ، لا من القيود المقسّمة له.
وحينئذ : فإذا شكّ في جزئيّة شىء للصلاة ، فإن شكّ في كونه جزءا مقوّما لنفس المطلق فالشكّ فيه راجع إلى الشكّ في صدق اسم «الصلاة» ، ولا يجوز فيه إجراء البراءة ؛ لوجوب القطع بتحقّق مفهوم الصلاة كما أشرنا إليه فيما سبق ، ولا إجراء أصالة إطلاق اللفظ وعدم تقييده ؛ لأنّه فرع صدق المطلق على الخالي من ذلك المشكوك ، فحكم هذا المشكوك عند القائل بالأعمّ حكم جميع الأجزاء عند القائل بالصحيح.
وأمّا إن علم أنّه ليس من مقوّمات حقيقة الصلاة ، بل هو على تقدير اعتباره وكونه جزءا في الواقع ليس إلّا من الأجزاء التي يقيّد معنى اللفظ بها ؛ لكون اللفظ موضوعا للأعمّ من واجده وفاقده ، فحينئذ فالشكّ في اعتباره وجزئيّته راجع إلى الشكّ في تقييد إطلاق الصلاة في «أقيموا الصلاة» بهذا الشيء ، بأن يراد منه مثلا أقيموا الصلاة المشتملة على جلسة الاستراحة. ومن المعلوم أنّ الشكّ في التقييد
______________________________________________________
الاجتهاديّة ، وقد أوضحه المصنّف رحمهالله في أوّل هذا المقصد من مقاصد الكتاب.
١٧٢٢. هذا القدر على ما زعمه المحقّق القمّي هو الأركان ، وعند الفاضل الأصبهاني معظم الأجزاء.