يرجع فيه إلى أصالة الإطلاق وعدم التقييد ، فيحكم بأنّ مطلوب الآمر غير مقيّد بوجود هذا المشكوك وبأنّ الامتثال يحصل بدونه وأنّ هذا المشكوك غير معتبر في الامتثال ، وهذا معنى نفي جزئيّته بمقتضى الإطلاق.
نعم ، هنا توهّم نظير ما ذكرناه سابقا من الخلط بين المفهوم والمصداق ، وهو توهّم : أنّه إذا قام الإجماع بل الضرورة على أنّ الشارع لا يأمر بالفاسدة ؛ لأنّ الفاسد ما خالف (١٧٢٣) المأمور به ، فكيف يكون مأمورا به؟ فقد ثبت (١٧٢٤) تقييد الصلاة دفعة واحدة بكونها صحيحة جامعة لجميع الأجزاء ، فكلّما شكّ في جزئيّة شىء
______________________________________________________
١٧٢٣. لا يخفى أنّ الفاسد بهذا المعنى لا يعقل أن يكون مأمورا به ، لأنّ الفساد بهذا المعنى مترتّب على مخالفة الأمر ، فهو متأخّر عنه ، فكيف يعقل تعلّق الأمر به؟ وإلّا لزم تقدّم الشيء على نفسه. وحينئذ لا معنى لدعوى الإجماع والضرورة على عدم كون الفاسد مأمورا به ، لأنّ مقتضاه دعوى الإجماع والضرورة على كون المأمور به صحيحا ، أعني : الصحّة بمعنى موافقة الأمر ، وهو غير معقول ، كما يظهر بمقايسته على ما ذكرناه ونبّهنا عليه سابقا.
والاولى أن يدّعى الإجماع على كون المأمور به محبوبا عند الشارع ، أو على كون المراد به هو الجامع لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة عنده. وهذا أيضا مراد من ادّعى عدم كون الفاسد مأمورا به ، بل ما ذكره من الجواب أيضا يبتني على ما ذكرناه ، لعدم تماميّته على تقدير دعوى كون المراد بالمأمور به مصاديق الصحيح بمعنى موافق الأمر ، كما يظهر بالتدبّر فيما قدّمناه.
١٧٢٤. يعني : ثبت تقييد الصلاة بقيد عامّ جامع لجميع القيود التي لها مدخل في تحقّق المأمور به ، فتكون ألفاظ العبادات مجملة بالعرض نظير القول بالصحيح ، إلّا أنّ الإجمال على الأوّل يكون عرضيّا كما عرفت ، وعلى هذا القول ذاتيّا ، وهذا المقدار غير مجد ، إذ المأمور به على التقديرين هو عنوان الصحيحة ، فمع الشكّ في بعض الأجزاء أو الشرائط تقع الشبهة في مصداق الصحيحة وأنّه هو الأكثر أو الأقلّ.