والتحقيق : أنّ ما ذكروه ثمرة للقولين من وجوب الاحتياط على القول بوضع الألفاظ للصحيح وعدمه على القول بوضعها للأعمّ ، محلّ نظر. أمّا الأوّل ، فلما عرفت من أنّ غاية ما يلزم من القول بالوضع للصحيح كون هذه الألفاظ مجملة ، وقد عرفت أنّ المختار والمشهور في المجمل المردّد بين الأقلّ والأكثر عدم وجوب الاحتياط.
وأمّا الثاني (١٧٢١) ، فوجه النظر موقوف على توضيح ما ذكروه من وجه ترتّب تلك الثمرة ، أعني عدم لزوم الاحتياط على القول بوضع اللفظ للأعمّ ، وهو أنّه إذا قلنا بأنّ المعنى الموضوع له اللفظ هو الصحيح ، كان كلّ جزء من أجزاء العبادة مقوّما لصدق حقيقة معنى لفظ «الصلاة» ، فالشكّ في جزئيّة شىء شكّ في صدق الصلاة ، فلا إطلاق للفظ «الصلاة» على هذا القول بالنسبة إلى واجدة الأجزاء وفاقدة بعضها ؛ لأنّ الفاقدة ليست بصلاة ؛ فالشكّ في كون المأتيّ به فاقدا أو واجدا شكّ في كونها صلاة أو ليست بها.
______________________________________________________
على النحو الذي قرّرها الشارع عليه ، من الترتيب بين أجزائها واشتمالها على كيفيّاتها الحاصلة من الشرائط ، وهذه الماهيّات إذا تعلّق الأمر بها وأتي بها على ترتيبها وكيفيّاتها تتّصف بالصحّة بالمعنى المصطلح عليه.
١٧٢١. لا يذهب عليك أنّ الملازمة الثانية في كلام المصنّف رحمهالله هو عدم وجوب الاحتياط على القول بالأعمّ ، وهو أعمّ من أن يكون ذلك لأجل أصالة البراءة عن المشكوك فيه من الأجزاء والشرائط ، أو لأجل إطلاق أسامي العبادات على هذا القول. وقد حمله المصنّف رحمهالله على الثاني ، ولذا اقتصر في الإيراد على هذه الملازمة بالمنع من جواز التمسّك بإطلاقات العبادات. ولعلّه مبنيّ على حمل أصالة البراءة في كلام من جعل ثمرة القول بالأعمّ جواز التمسّك بها ـ كما حكي عن الوحيد البهبهاني ـ على المسامحة ، بإرادة ما يوافقها وهو الإطلاق ، لغاية بعد إرادة ظاهرها ، لوضوح توقّف جريان الاصول العمليّة في مورد على عدم دليل اجتهادي فيه ، لحكومته أو وروده عليها ، وإطلاق الألفاظ أو عمومها معدود في الأدلّة