ومنه يظهر : عدم جواز التمسّك بأصالة عدم التفات الآمر حين تصوّر المركّب إلى هذا الجزء ، حتّى يكون بالملاحظة (*) شيئا واحدا مركّبا من ذلك ومن باقي الأجزاء ؛ لأنّ هذا أيضا لا يثبت أنّه اعتبر التركيب بالنسبة إلى باقي الأجزاء. هذا ، مع أنّ أصالة عدم الالتفات لا يجري بالنسبة إلى الشارع المنزه عن الغفلة ، بل لا يجري مطلقا فيما دار أمر الجزء بين كونه جزءا واجبا أو جزءا مستحبّا ، لحصول الالتفات فيه قطعا ، فتأمّل (١٧١٣).
المسألة الثانية : ما إذا كان الشكّ في الجزئيّة ناشئا من إجمال الدليل كما إذا علّق الوجوب في الدليل اللفظي بلفظ مردّد ـ بأحد أسباب الإجمال ـ بين مركّبين يدخل أقلّهما (١٧١٤) جزءا تحت الأكثر بحيث يكون الآتي بالأكثر آتيا بالأقلّ.
______________________________________________________
الجزئيّة في المقام ليس إلّا إثبات مجراها ، لا شيء آخر حتّى يقال بكونها مثبتة ، فإذا ثبت فصل الأقلّ بالأصل وكان جنسه متيقّنا ثبت تعيّن كون الماهيّة هو الأقلّ. وأنت خبير بأنّ إثبات أحد جزئي الماهيّة بالأصل والآخر بالفرض لا يخرج الأصل من كونه مثبتا ، ولذا لو تردّد الأمر بين الوجوب والاستحباب لا يمكن أن يقال إنّ مطلق الرجحان ثابت بالفرض ، وإذا ثبت عدم المنع من الترك الذي هو فصل الاستحباب ثبت استحباب الفعل ، كما سيجيء في محلّه.
١٧١٣. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى إمكان دعوى حصول الغفلة على وجه خاصّ ، لاختلاف الالتفات في مقام الإيجاب والاستحباب ، لأنّ الالتفات إلى الشيء على وجه يكون مقوّما لغيره بحيث ينتفي بانتفائه مغاير للالتفات إليه على وجه لا يكون كذلك ، والالتفات على الوجه الثاني لا يستلزمه على الوجه الأوّل ، فتدبّر.
١٧١٤. احتراز عمّا لو اشتمل الأقلّ على جزء لا يشتمل عليه الأكثر ، بأن لا يعتبر فيه ذلك أو اعتبر عدمه. وكذا قوله : «بحيث يكون الآتي ...» احتراز عمّا لو اعتبر الأقلّ بشرط لا كالقصر والإتمام ، لأنّ هذين القسمين داخلان في المتباينين
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل : «بالملاحظة» ، بملاحظته.