فمعنى جزئيّة السورة للصلاة ملاحظة السورة مع باقي الأجزاء شيئا واحدا ، وهذا معنى اختراع الماهيّات وكونها مجعولة ؛ فالجعل والاختراع فيها من حيث التصوّر والملاحظة ، لا من حيث الحكم حتّى يكون الجزئيّة حكما شرعيّا وضعيّا في مقابل الحكم التكليفي ، كما اشتهر في ألسنة جماعة إلّا أن يريدوا بالحكم الوضعي هذا المعنى وتمام الكلام يأتي في باب الاستصحاب عند ذكر التفصيل بين الأحكام الوضعيّة والأحكام التكليفيّة.
ثمّ إنّه إذا شكّ في الجزئيّة بالمعنى المذكور فالأصل عدمها ، فإذا ثبت عدمها في الظاهر يترتّب عليه كون الماهيّة المأمور بها هي الأقلّ ؛ لأنّ تعيين الماهيّة في الأقلّ (١٧١٢) يحتاج إلى جنس وجودي وهي الأجزاء المعلومة ، وفصل عدمي هو عدم جزئيّة غيرها وعدم ملاحظته معها ، والجنس موجود بالفرض والفصل ثابت بالأصل ، فتعيّن المأمور به ، فله وجه. إلّا أن يقال : إنّ جزئيّة الشيء مرجعها إلى ملاحظة المركّب منه ومن الباقي شيئا واحدا ، كما أنّ عدم جزئيّته راجع إلى ملاحظة غيره من الأجزاء شيئا واحدا ، فجزئيّة الشيء وكلّية المركّب المشتمل عليه مجعول بجعل واحد ، فالشكّ في جزئيّة الشيء شكّ في كلّية الأكثر ونفي جزئيّة الشيء نفي لكلّيته ، فإثبات كلّية الأقلّ بذلك إثبات لأحد الضدّين بنفي الآخر ، وليس اولى من العكس.
______________________________________________________
١٧١٢. على أصالة عدم الجزئيّة بالمعنى الذي قرّره ، وعدم كونه من الاصول المثبتة ، وذلك لأنّ تعيين الماهيّة في الأكثر أو الأقلّ يحتاج إلى إثبات جنس ، وهو في الأكثر اشتماله على ما اشتمل عليه الأقلّ ، وفي الأقلّ اشتماله على الأجزاء المعلومة ، وفصل وهو في الأكثر ، اشتماله على ما لم يشتمل عليه الأقل ، وفي الأقلّ عدم اشتماله على ما فوقه ممّا اشتمل عليه الأكثر ، والجنس والفصل في الأكثر وجوديّان ، وجنسه وإن كان متيقّنا إلّا أنّ فصله من حيث كونه وجوديّا لا يمكن إثباته عند الشكّ فيه بأصالة العدم ، بخلاف الأقلّ ، فإنّ جنسه وإن كان وجوديّا إلّا أنّه متيقّن بالفرض ، وفصله وإن فرض كونه مشكوكا إلّا أنّه من حيث كونه عدميّا يمكن إثباته بالأصل. ومن هنا ظهر أنّ المقصود من أصالة عدم