وأمّا «عدم الدليل دليل العدم» ، فالمستند فيه عندهم شيء آخر ، ذكره كلّ من تعرّض لهذه القاعدة كالشيخ وابن زهرة والفاضلين والشهيد وغيرهم ، ولا اختصاص له بالحكم التكليفي والوضعي.
وبالجملة ، فلم نعثر على من يستدلّ بهذه الأخبار في هذين الأصلين : أمّا رواية الحجب ونظائرها فظاهر. وأمّا النبويّ المتضمّن لرفع الخطأ والنسيان وما لا يعلمون ، فأصحابنا بين من يدّعي ظهوره في رفع المؤاخذة ولا ينفي به غير الحكم التكليفي ـ كأخواته من رواية الحجب وغيرها ـ وهو المحكيّ عن أكثر الاصوليّين وبين من يتعدّى عن ذلك إلى الأحكام الغير التكليفيّة ، لكن في موارد وجود الدليل على ثبوت ذلك الحكم وعدم جريان الأصلين المذكورين بحيث لو لا النبويّ لقالوا بثبوت ذلك الحكم. ونظرهم في ذلك إلى : أنّ النبويّ ـ بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي ـ حاكم على تلك الأدلّة المثبتة لذلك الحكم الوضعي. ومع ما عرفت ، كيف يدّعي أنّ مستند الأصلين المذكورين المتّفق عليهما هو هذه الروايات التي ذهب الأكثر إلى اختصاصها بنفي المؤاخذة؟
نعم ، يمكن التمسّك بها أيضا في مورد جريان الأصلين المذكورين ؛ بناء على أنّ صدق (١٧٠٥) رفع أثر هذه الامور أعني الخطأ والنسيان وأخواتهما كما يحصل بوجود المقتضي لذلك الأثر تحقيقا ـ كما في موارد ثبوت الدليل المثبت لذلك الأثر الشامل لصورة الخطأ والنسيان ـ كذلك يحصل بتوهّم ثبوت المقتضي ولو لم يكن عليه دليل ولا له مقتض محقّق ، لكنّ تصادق بعض موارد الأصلين والرواية مع تباينهما الجزئي (١٧٠٦) لا يدلّ على الاستناد لهما بها ، بل يدلّ على العدم.
______________________________________________________
لم يساعده دليل. وحينئذ إن قلنا برجوع هذا الأصل إلى أصالة البراءة أو استصحاب العدم ، وإلّا فلا دليل عليه.
١٧٠٥. قد أوضح تحقيق الكلام في ذلك في الشبهة التحريميّة من مسائل الشكّ في التكليف.
١٧٠٦. لأنّ نسبة الاصلين إلى النبويّ على ما ذكره عموم من وجه ، لجريان