.................................................................................................
______________________________________________________
غير جارية في المقام ، لأنّ أصالة عدم وضعهما بمرتبة أصالة عدم وضع الأقلّ والمطلق مع العلم بوضع أحد الأمرين من الأكثر والأقلّ ، وكذا المقيّد والمطلق ، فيتعارضان ويتساقطان. ويوضحه ما تقدّم من المصنّف رحمهالله من كون الكلّ عين أجزائه ، لأنّ مقتضاه كون وضعه أيضا عين وضعها.
ورابعها : مع تسليم مغايرتهما بغير المفهوم أيضا ، أنّ الجزئيّة والشرطيّة اعتباران عقليّان منتزعان من وضع الكلّ والمقيّد ، وعدّهما من الحكم الشرعيّ مبنيّ على مراعاة هذا الاعتبار ، فلا ينصرف الوضع والرفع في الأخبار إليهما. ومرجع هذا الوجه إلى منع كون الجزئيّة والشرطيّة من الأحكام الوضعيّة المجعولة ، وعدّهما منها من باب المسامحة.
وخامسها : مع تسليم كون المنتزع عقلا من الوضعي وضعيّا ، أنّه لا ريب أنّ الجزئيّة كما تنتزع من اعتبار الجزء في الكلّ والشرطيّة من اعتبار الشرط في المشروط ، كذلك عدم الجزئيّة والشرطيّة يمكن انتزاعهما من عدم اعتبار شيء شطرا أو شرطا ، فلا بدّ أن يكون عدمهما من أحكام الوضع أيضا ، فيتعارض أصالة عدم الوضعين حينئذ في مشكوك الجزئيّة والشرطيّة ، للعلم بأحدهما إجمالا.
وهذا كلّه على القول بكون الأحكام الوضعيّة مجعولة للشارع ، كما اختاره جماعة ومنهم صاحب الفصول. وأمّا على القول بكونها منتزعة من الأحكام الطلبيّة ـ كما هو المشهور واختاره المصنّف رحمهالله ـ فالأمر أوضح.
ثمّ إنّ مراد المصنّف رحمهالله بمنع العموم في المقام يحتمل أن يكون هو الوجه الأوّل ، ويحتمل أن يريد به منع اشتمال أخبار البراءة على أداة العموم على وجه تشمل نفي حكم الوضع أيضا ، لأنّ ما يمكن أن يستدلّ به عليه مثل خبر الوضع والحجب لا عموم فيه ، بناء على عدم وضع الموصول له ، فغايته الإطلاق غير المنصرف إليه ، وما فيه أداة العموم ـ مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» غير شامل له أصلا ، لصراحته في الشبهة التكليفيّة.