أقول : أمّا ما ادّعاه من عموم تلك الأخبار لنفي غير الحكم الالزامي التكليفي ، فلولا عدوله عنه (١٧٠٣) في باب البراءة والاحتياط من الأدلّة العقليّة ، لذكرنا بعض ما فيه من منع العموم أوّلا ، ومنع كون الجزئيّة أمرا مجعولا شرعيّا غير الحكم التكليفي ـ وهو إيجاب المركّب المشتمل على ذلك الجزء ـ ثانيا.
______________________________________________________
بها في أمثال المقام لإثبات الوجوب الشرعيّ ، لا على ما اختاره من حملها على الإرشاد ، كما صرّح به في الشبهة التحريميّة البدويّة.
١٧٠٣. ما نقله المصنّف رحمهالله عنه ذكره في مبحث الصحيح والأعمّ. والأولى نسبة عدوله عنه إلى فصل عقده لبيان أصل العدم ، لأنّه وإن ذكر في أوّل فصل عقده لأصالة البراءة أنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، وأنّ الأوّل يعمّ نفي الحكم الوضعي والثانية للموضوعات الجزئيّة ، ويشتركان في نفي الأحكام التكليفيّة ، إلّا أنّه قد صرّح بعدوله عمّا اختاره في مبحث الصحيح والأعمّ في الفصل الأوّل ، وأطال الكلام في الاستدلال عليه بوجوه لا بأس بنقل كلامه لتتّضح به حقيقة مرامه ، فإنّه قد استدلّ على اعتبار أصالة العدم أوّلا بأخبار الاستصحاب ، إلّا أنّه صرّح بعدم إجدائه في المقام ، نظرا إلى عدم كون تعيّن المأمور به في الأقلّ من الآثار الشرعيّة ، لعدم اعتبار الشارع للأمر المشكوك فيه ، فلا يثبته إلّا على القول بالاصول المثبتة. وثانيا بأخبار البراءة من خبر الوضع والحجب وغيرهما.
ثمّ قال : دائرة أصل العدم بحسب هذا الدليل ـ أعني : الأخبار ـ أوسع من دائرته بحسب الدليل السابق ، لجريانه بمقتضى هذا الدليل في مطلق أحكام الوضع حتّى الجزئيّة منها والشرطيّة والمانعيّة ، لأنّ المفهوم من أخبار الباب رفع الحكم المجهول ، وإثبات ما يترتّب عليه من الأحكام الشرعيّة وغيرها ممّا يترتّب عليه أحكام شرعيّة ، عملا بظاهر الإطلاق السالم عمّا يقتضي صرفه هنا عنه ، إذ الوجه الذي قرّرناه في منع إطلاق أخبار الاستصحاب غير متطرّق إلى إطلاق هذه الأخبار ، ولو لا ذلك لالتزمنا بالإطلاق هناك أيضا. فاتّضح ممّا قرّرناه أنّ الأصل