إلى غير ذلك من أخبار البراءة الجارية في الشبهة الوجوبيّة. وكان بعض مشايخنا قدّس الله نفسه يدّعي ظهورها في نفي الوجوب النفسي المشكوك وعدم جريانها في الشكّ في الوجوب الغيري.
ولا يخفى على المتأمّل عدم الفرق بين الوجوبين في نفي ما يترتّب عليه من استحقاق العقاب ؛ لأنّ ترك الواجب الغيري منشأ لاستحقاق العقاب ولو من جهة كونه منشأ لترك الواجب النفسي. نعم ، لو كان الظاهر من الأخبار نفي العقاب المترتّب على ترك الشيء من حيث خصوص ذاته ، أمكن دعوى ظهورها فيما ادّعي. مع إمكان أن يقال : إنّ العقاب على ترك الجزء أيضا من حيث خصوص ذاته ؛ لأنّ ترك الجزء عين (١٦٩٩) ترك الكلّ ، فافهم.
______________________________________________________
ووجه السقوط ما عرفته من عدم الحاجة إلى تعيين المأمور به في الأقلّ بعد نفي المشكوك فيه. وسيجيء زيادة توضيح لما ذكره وما ذكرناه في بعض الحواشي الآتية.
١٦٩٩. من هنا يمكن أن يقال : إنّ وجوب الأجزاء عين وجوب الكلّ ، لما قرّرناه في محلّ آخر من كون التضمّن عين المطابقة ، وذلك لأنّ دلالة الكلّ على أجزائه ملحوظة بوجهين :
أحدهما : دلالته عليها في ضمن الدلالة على الكلّ ، فهي بهذا الاعتبار عين الدلالة على الكلّ ، لما صرّح به المصنّف رحمهالله من كون الكلّ عين أجزائه ، غاية الأمر أنّ هذه الدلالة إذا نسبت إلى الكلّ تسمّى بالمطابقة ، وإذا نسبت إلى الجزء تسمّى بالتضمّن ، فهما بهذا اللحاظ متّحدتان ذاتا ومتغايرتان بالاعتبار والإضافة ، ولذا عدّ المشهور التضمّن من الدلالات الصريحة.
وثانيهما : دلالته عليه بملاحظة الجزء من حيث نفسه مع قطع النظر عن كونه جزءا من الكلّ ، فهي بهذا الاعتبار من باب الالتزام دون التضمّن. وعليه يبتني استشكال المحقّق القمّي رحمهالله في عدّ التضمّن من الدلالات الصريحة. ولا ريب أنّ مطلوبيّة الأجزاء إنّما هي بالاعتبار الأوّل. وتسمية وجوبها غيريّا إنّما هي بالاعتبار الثاني ، فلا بدّ حينئذ أن يكون وجوب الأجزاء عين وجوب الكلّ ، كما أنّ العقاب