هذا كلّه إن جعلنا المرفوع والموضوع في الروايات خصوص المؤاخذة ، وأمّا لو عمّمناه لمطلق (١٧٠٠) الآثار الشرعيّة المترتّبة على الشيء المجهول ، كانت الدلالة أوضح ، لكن سيأتي ما في ذلك.
ثمّ إنّه لو فرضنا عدم تماميّة الدليل العقلي المتقدّم ، بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر ، كانت هذه الأخبار كافية في المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقلي ؛ لأنّ الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع ، فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل.
وقد توهّم بعض المعاصرين عكس ذلك وحكومة أدلّة الاحتياط على هذه الأخبار ، فقال : لا نسلّم حجب العلم في المقام ؛ لوجود الدليل في المقام وهي أصالة الاشتغال في الأجزاء والشرائط المشكوكة. ثمّ قال : لأنّ ما كان لنا إليه طريق في الظاهر لا يصدق في حقّه الحجب قطعا ؛ وإلّا لدلّت هذه الرواية على عدم حجّية الأدلّة الظنّية ، كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما. ثمّ قال : ولو التزم تخصيصها بما دلّ على حجيّة تلك الطرق ، تعيّن تخصيصها أيضا بما دلّ على حجّية أصالة الاشتغال من عمومات أدلّة الاستصحاب ووجوب المقدّمة العلميّة. ثمّ قال : و
______________________________________________________
عليها عين العقاب عليه ، فتدبّر.
١٧٠٠. قد تقدّم تحقيق الكلام في ذلك في الشبهة التحريميّة البدويّة ، فإذا قلنا بعموم حديث الرفع لمطلق الآثار فهو حينئذ كما يدلّ على نفي العقاب ، كذلك يدلّ على عدم جزئيّة المشكوك فيه وشرطيّته ، وعلى عدم كون تركه سببا لبطلان الأكثر ، وعلى عدم كون الخالي منه سببا لوجوب الإعادة والقضاء.
وأنت خبير بأنّ هذا التعميم إنّما يجدي على القول بكون الأحكام الوضعيّة مجعولة ، وأمّا على ما اختار المصنّف رحمهالله في مبحث الاستصحاب ـ وسيصرّح به هنا أيضا ـ من كونها منتزعة من الأحكام الطلبيّة فلا ثمرة لهذا التعميم هنا ، لكون جزئيّة الجزء وشرطيّة الشرط منتزعتين من الأمر بالمركّب ، وكذا سببيّة ترك الجزء