أنّ كلّ شيء فيه الحلال والحرام عندك ـ بمعنى أنّك تقسّمه إلى هذين وتحكم عليه بأحدهما لا على التعيين ولا تدري المعيّن منهما ـ فهو لك حلال. فيقال حينئذ : إنّ الرواية صادقة على مثل اللحم المشترى من السوق المحتمل للمذكّى والميتة وعلى شرب التتن وعلى لحم الحمير إن لم نقل بوضوحه وشككنا فيه ؛ لأنّه يصدق على كلّ منها أنّه شيء فيه حلال وحرام عندنا ، بمعنى أنّه يجوز لنا أن نجعله مقسما لحكمين ، فنقول : هو إمّا حلال (١١٦٠) وإمّا حرام ، وأنّه يكون من جملة (١١٦١) الأفعال التي يكون بعض أنواعها أو أصنافها حلالا وبعضها حراما ، واشتركت في أنّ الحكم الشرعيّ المتعلّق بها غير معلوم ، انتهى. أقول : الظاهر أنّ المراد بالشيء ليس هو خصوص المشتبه ، كاللحم المشترى ولحم الحمير على ما مثّله بهما ؛ إذ لا يستقيم (١١٦٢) إرجاع الضمير في «منه» إليهما ، لكن لفظة «منه» ليس في بعض النسخ.
وأيضا : الظاهر أنّ المراد بقوله عليهالسلام : «فيه حلال وحرام» كونه منقسما إليهما ، ووجود القسمين فيه بالفعل لا مردّدا بينهما ؛ إذ لا تقسيم مع الترديد أصلا ، لا ذهنا ولا خارجا. وكون الشيء مقسما لحكمين ـ كما ذكره المستدلّ ـ لم يعلم له معنى محصّل ، خصوصا مع قوله قدس سرّه : إنّه يجوز ذلك ؛ لأنّ التقسيم إلى الحكمين الذي هو
______________________________________________________
بوضوح حكمه.
١١٦٠. كما في الشبهة الحكميّة.
١١٦١. كما في الشبهة الموضوعيّة.
١١٦٢. لأنّه وإن صحّ إرجاع الضمير إلى الفعل المشتبه الموضوع كاللحم المشترى ، بارتكاب الاستخدام في ضمير «منه» بأن يقال : إنّ المعنى كلّ فعل مشتبه الموضوع الذي يحتمل الحلّ والحرمة فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام من نوعه في الخارج فتدعه ، إلّا أنّه لا يصحّ إرجاعه إلى الفعل المشتبه الحكم كلحم الحمير ، لعدم وجود نوع له يكون فيه قسم حرام وقسم حلال حتّى يصحّ إرجاع الضمير إلى النوع على سبيل الاستخدام. نعم ، يصحّ ذلك على ما فرضه المنتصر الآتي ، إلّا أنّ الكلام هنا مع الغضّ عنه.