ونظير ذلك ما ربّما يقال في ردّ من تمسّك على عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ناسيا بعموم حديث الرفع : من أنّ وجوب الإعادة وإن كان حكما شرعيّا ، إلّا أنّه مترتّب على مخالفة المأتيّ به للمأمور به الموجبة لبقاء الأمر الأوّل ، وهي ليست من الآثار الشرعيّة للنسيان ، وقد تقدّم أنّ الرواية لا تدلّ على رفع الآثار الغير
______________________________________________________
عنه مسامحة ، لكون المقصود الأصلي في موارد أصل البراءة هو ذلك ، لا ارتفاع الخطاب ، سيّما وأنّ العقل لا يحكم في مواردها بأزيد من ذلك.
ومن هنا يظهر وجه دلالة حديث الرفع على ردّ القول بالاحتياط ، لأنّه مع فرض دلالته على عدم توجيه الخطاب على وجه يوجب الاحتياط في موارد الشكّ في التكليف ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله ، يكون هذا الخبر معارضا لما دلّ على وجوب الاحتياط فيها ، فلا بدّ حينئذ من إجراء حكم التعارض عليها. فهو نظير قوله عليهالسلام : «كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» في ظهور الدلالة على عدم وجوب الاحتياط. وإنّما صرّح المصنّف رحمهالله بكونه أوضح من جميع الأخبار المستدلّ بها للمقام ، مع عدم قصور حديث الرفع عنه في الدلالة ، لمّا تقدّم من استشكاله في شموله للشبهات الحكميّة التي هي محلّ الكلام في المقام. ولكنّا قد أسلفنا ما يناقش فيه أو يمنعه ، فراجع.
واعلم أنّه على المقام إشكال ، وهو أنّ قول المصنّف رحمهالله : «فإذا فرضنا أنّه لا يقبح في العقل ...» إلى آخر ما ذكره ، ينافي استقلال العقل بقبح التكليف بلا بيان كما هو مدرك أصالة البراءة ، إذ لا ريب في منافاته لعدم قبح توجيه الخطابات الواقعيّة على وجه يشمل موارد الشبهات البدويّة ويقتضي وجوب الاحتياط فيها ، إذ مقتضى القضيّة الاولى هو قبح توجيه الخطابات الواقعيّة على الوجه المذكور ، ومقتضى الثانية هو عدم قبحه ، وحيث كان قبحه مسلّما فلا يصحّ أخذ الرفع في الخبر أعمّ منه ومن الدفع.