العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل. وأمّا ثانيا : فلأنّه لا ضابطة (١٥٠٥) لما ذكره من الاندراج تحت ماهيّة واحدة ، ولم يعلم الفرق بين تردّد النجس بين ظاهر الإناء وباطنه أو بين الماء وقطعة من الأرض ، أو بين الماء ومائع آخر ، أو بين ما يعين مختلفي الحقيقة ، وبين تردّده بين ماءين أو ثوبين أو ما يعين متّحدي الحقيقة.
نعم ، هنا شيء آخر (١٥٠٦) وهو أنّه هل يشترط في العنوان المحرّم الواقعي أو النجس الواقعي المردّد بين المشتبهين أن يكون على كلّ تقدير متعلّقا لحكم واحد أم
______________________________________________________
١٥٠٥. ربّما يقال : لو فرض وجود الدليل على عدم وجوب الاجتناب ، مع عدم اندراج المشتبهين تحت حقيقة واحدة ، لا يضرّ عدم وجود الضابط في ذلك شرعا ، لأنّا لو قلنا بكون وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة لأجل قاعدة الاشتغال ، وجب الحكم بوجوب الاجتناب إلّا فيما علم بعدم الاندراج ، وإن قلنا بكونه من باب التعبّد ، وجب الحكم بعدم وجوب الاجتناب إلّا في ما علم فيه الاندراج وبالجملة ، إنّ الموارد المشكوكة الاندراج ـ نظير الأفراد الخفيّة للمطلقات ـ يعمل فيها بما تقتضيه القواعد.
ولكنّ الظاهر أنّ مقصود المصنّف رحمهالله أنّ اشتراط الاندراج في وجوب الاجتناب لا بدّ أن يكون عن دليل شرعي ، ومن البعيد تعليق الشارع للحكم بأمر غير منضبط أصلا. وقياسه على المطلقات قياس مع وجود الفارق ، لعدم كون العمل بها شرعيا وإن أمضى الشارع ، مع أنّ ظهور اللفظ في مقدار ما يتناوله أمر مضبوط كما لا يخفى.
ثمّ إنّ المراد بعدم الضابط لما ذكره هو عدم الضابط له من حيث إنّ المدار في اندراج المشتبهين تحت حقيقة واحدة ، هل هو على دخولهما تحت صنف أو نوع أو جنس قريب أو بعيد أو أبعد؟ لعدم ورود نصّ في ذلك ليؤخذ بمقتضاه.
١٥٠٦. لا يبعد أن يكون هذا هو مراد صاحب الحدائق ، بأن يقال في توجيه كلامه : إنّ المراد باندراج المشتبهين تحت حقيقة واحدة اندراج كلّ واحد