نَفْساً
إِلَّا ما آتاها)»
، لكنّها لا ينفع في
المطلب ، لأنّ نفس المعرفة بالله غير مقدور (١١٠٤) قبل تعريف الله سبحانه ، فلا
يحتاج دخولها في الآية إلى إرادة الإعلام من الإيتاء ، وسيجيء زيادة توضيح لذلك في
ذكر الدليل العقلي إن شاء الله تعالى. وممّا ذكرنا يظهر حال التمسّك بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) .
ومنها : قوله تعالى : (وَما كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١١٠٥) بناء على أنّ
بعث الرسول كناية عن بيان التكليف ؛ لأنّه يكون به غالبا ، كما في قولك : «لا أبرح
من هذا المكان حتّى يؤذّن المؤذّن »
كناية عن دخول الوقت أو عبارة عن البيان النقلي ، ويخصّص العموم بغير المستقلّات ،
أو يلتزم بوجوب التأكيد وعدم حسن العقاب إلّا مع اللطف بتأييد العقل بالنقل وإن
حسن الذمّ ، بناء على أنّ منع
______________________________________________________
فالتكليف بالأفعال
المجهولة الحكم لا يستلزم المحذور. ووجه الاندفاع واضح ، لأنّ ما ذكرناه مبنيّ على
كون الفعل المجهول الحكم خارجا من الوسع مطلقا ، من دون فرق بين قلّة الشبهات
وكثرتها.
١١٠٤. لعلّ الوجه فيه هو كون المراد بالمعرفة هي المعرفة الكاملة
التي لا يهتدي إليها العباد بعقولهم القاصرة ، أو المراد بها مطلقها إلّا أنّ
المراد بالبيان أعمّ من البيان الشرعيّ والعقلي. والقرينة على التأويل بهذين
الوجهين هو تعرّض السائل لهذا السؤال ، إذ من البعيد حصول الشبهة في وجوب أصل
المعرفة. مضافا إلى نفي الإمام عليهالسلام للتكليف من دون بيان من الله تعالى ، للقطع بثبوت التكليف
بأصل المعرفة ولو مع عدم بيان من الله سبحانه. وحاصل ما ذكره : انطباق الرواية على
الآية على تقدير كون المراد بالموصولة هو الفعل والترك ، وبالإيتاء الإقدار
عليهما.
١١٠٥. الآية في أوائل سورة بني إسرائيل. ولا يذهب عليك أنّ جريان
أصالة البراءة لمّا كان موقوفا على عدم الدليل العقلي والشرعيّ في موردها ، لأنّ
__________________