.................................................................................................
______________________________________________________
بالماء النجس والصلاة في الثوب النجس وشراء الرقبة الغير المؤمنة ، وهذه الرخصة رخصة وضعيّة حاصلة من تخيير العقل في امتثال المطلق في ضمن أيّ فرد كان ، فإذا ورد بعد ذلك قوله : لا تتوضّأ بالماء النجس ، ولا تصلّ في الثوب النجس ، ولا تشتر رقبة غير مؤمنة ، لم يرد بذلك إلّا رفع تلك الرخصة ، أعني : رفع الإذن عن امتثال المطلق في ضمن الفرد المنهي عنه ، وأنّ الامتثال في ضمن هذا الفرد غير مأذون فيه ، ومعلوم أنّ هذا لا يوجب تحريما أصلا فضلا عن أن يكون ذاتيّا. نعم ، التعرّض للامتثال فيما لم يأذن الشارع في الامتثال به تشريع محرّم بالأدلّة الأربعة ، ولا يجوز أن تكون حرمة هذا التشريع بتلك النواهي ، لأنّها محصّلة ومحقّقة لموضوع التشريع ، فلا يصحّ أن يكون منهيّا عنه بها.
وأمّا حكمهم بوجوب اجتناب المشتبهين فلأجل النص الوارد بوجوب التيمّم معهما ، فيقتصر على مورد النص. وما يفهم منه التعدّي إليه ، كأزيد من الإنائين ، واشتباه نجس العين بالطاهر ، وغير ذلك ، انتهى.
وإذا فرض كون تحريم الاستعمال تشريعيّا خرج المثال من محلّ النزاع ، كما تقدّم عند تحرير محلّه ، لعدم منافاته للاحتياط كما عرفت. وحينئذ يجوز أن يتوضّأ بأحد الإنائين ، ثمّ يغسل أعضاء الوضوء بالآخر ثمّ يتوضّأ به ، للقطع حينئذ بحصول الطهارة اليقينيّة. ويدفع احتمال تنجّس بدنه بقاعدة الطهارة ، إذ كما يحتمل عروض النجاسة عقيب التطهير بالماء الطاهر ، كذلك يحتمل تعقّب التطهير بالماء الطاهر بالتطهير بالمتنجّس. مع أنّه يمكن تكرير الصلاة بالإتيان بها عقيب كلّ من الطهارتين. فالنهي عن استعمال الإنائين المشتبهين ، كما في موثّقتي سماعة وعمّار عن رجل معه إناءان وقع في أحدهما قذر ، ولا يدري أيّهما هو ، ولا يقدر على ماء غيرهما ، قال : «يهريقهما ويتيمّم». وعن المعتبر والمنتهى عمل الأصحاب بهما وقبولهم لهما ، مضافا إلى الاتّفاقات المستفيضة ـ لا بدّ أن يكون من باب التعبّد لمصلحة راعاها الشارع ، لا لأجل تقديم جانب الحرمة المحتملة.