.................................................................................................
______________________________________________________
خوف ، فلا تشمل المستحبّات والمكروهات والمباحات ، فينحصر مفهومه في فعل الواجبات والشبهة الوجوبيّة وترك المحرّمات والشبهة التحريميّة ، سواء كانت حكميّة أم موضوعيّة ، والخارج منها لا يستلزم تخصيص الأكثر ، لكون التخصيص بحسب النوع دون الأفراد ، لأنّ الخارج حينئذ نوعان ، أعني : الشبهة الوجوبيّة مطلقا والشبهة التحريميّة الموضوعيّة ، والباقي ثلاثة أنواع ، أعني : الواجبات والمحرّمات والشبهة التحريميّة الحكميّة.
قلت أوّلا : إنّ التخصيص النوعي خلاف الأصل ، لظهور العمومات في خصوص الأفراد لا الأنواع ، والتخصيص النوعي مجاز لا بدّ في حمل اللفظ عليه من نصب قرينة.
وثانيا : أنّا نمنع شمول التقوى للواجبات والمحرّمات أيضا ، لما عرفت من ظهوره في ترك ما في فعله وفعل ما في تركه خوف العقاب ، والعقاب في ترك الواجب وفعل الحرام متحقّق لا ممّا يخاف عنه ، فيكون الخارج أيضا أكثر من الباقي. مع أنّ الآيتين آبيتان عن التخصيص ، سواء كان نوعيّا أم فرديّا ، لكونهما من القضايا التي كان موضوع الحكم فيها علّة له ، لأنّ علّة وجوب التقوى هو حسن ما يتّقى به ، فكلّ ما يحصل به التقوى فالعلّة موجودة فيه ، فلا يمكن تخصيصهما بما يحصل به التقوى أيضا ، فلا بدّ من حمل الأمر فيهما على إرادة مطلق الرجحان لتسلما من محذور التخصيص من رأس. فهما دليلان لنا لا علينا ، لفرض ظهورهما في استحباب الاحتياط غير المنافي للقول بالبراءة لا في مطلوب الخصم من وجوبه.
وممّا ذكرناه ظهر الوجه فيما ذكره المصنّف رحمهالله بقوله : «مع أنّ غايتها الدلالة على الرجحان على ما استشهد به الشهيد رحمهالله».
وممّا ذكرناه تبيّن عدم دلالة آية المجاهدة أيضا ، إمّا لظهورها في فعل الواجبات وترك المحرّمات خاصّة ، كالتقوى على معناها الأوّل ، كما هو ظاهر المصنّف رحمهالله. وإمّا لأنّ تعميمها يستلزم تخصيص الأكثر ، نظير ما تقدّم في التقوى