الشخصية التي تراقب الله في كل تصرف. أو نية تصرف ، بحيث تزن أقوالها وأفعالها ورغباتها كلها بميزان «التقوى» وتستحضر «الآخرة» في كل ما تفعله أو تريد أن تفعله ، يستوي في ذلك الشؤون الشخصية والاجتماعية.
أما فيما يتعلق بعقوبة تعاطي الخمر ، فليس في القرآن الكريم ، أو في كلام رسول الله (ص) نص يذكرها. وحددها أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (ع) بثمانين جلدة ، معلّلا إياها على النحو التالي : «إنّه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فأرى عليه حد المفترين» (١).
فتحريم الخمر في الأسلام وجد له صدى روحيا عند المسلمين ، لأنّ التأثير النفسي والايمان الروحي في الأسلام جعلهم يلتزمون بالتعاليم الالهية بصدق وصراحة وإصرار ، ويعزفون عن شرب الخمر لايمانهم بأن ذلك من مصلحتهم الخاصة والعامة. وهذا أكبر دليل عملي على أنّ الرادع الديني أقوى من أي رادع آخر أو قانون وضعي في تحريم شرب الخمر.
لذا نرى أنّ المجتمعات غير الأسلامية تتخبط في وضع الحلول اللازمة لمشكلة تناول المشروبات الكحولية والادمان عليها ، وتقف عاجزة عن الحد من تلك الكارثة المؤلمة التي عصفت بالملايين رجالا ونساء وأطفالا ، وأدت إلى موت الآلاف منهم سنويا بسبب الحوادث المختلفة والأمراض العديدة ، وما رافق ذلك من تفسخ وانحلال للمجتمع ، وانتشار مخيف للعادات السيئة وحوادث الجنس التي لا تحصى.
الحقيقة مرعبة ، ولكنها أكثر إرعابا لو أنها انتقلت إلى مجتمعاتنا الأسلامية ، كما إنتقل غيرها من المظاهر الشاذة. فهذه صحيفة (آفتون بلادت) السويدية : تنشر بعض الأرقام وبعض القصص التي تكشف بعضا من الحقيقة ، وجزءا من حالة الانهيار التي ينحدر نحوها المجتمع السويدي.
تقول هذه الصحيفة : «وتقع أغلب حالات الاعتداء على نحو مشابه لتلك
__________________
(١) موطأ مالك : كتاب الأشربة ـ باب ١.