الناس ..
وفي ذلك يقول الرسول الكريم (ص) : «إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (١). ومن تمام مكارم الأخلاق في الانسان أن يشف ويصفو ، وأن ترتفع إنسانيته الى المدى الذي تنتهي إليه الانسانية في أسمى مدارجها ، وفي أعلى مواطن كما لها .. هناك تجد ذلك الانسان الذي تهفو إليه مشاعر الأنسانية ، وتتمثله في الانسان الكامل.
فقد وهب الله تعالى لرسوله الكريم (ص) العناصر الأساسية لمكوّنات الشّخصية الانسانية النبيلة.
أ ـ تواضع لا يعرف الغرور ، ولا التعاظم ، فهو بين رجاله كواحد منهم. فكان (ص) : «يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه» (٢).
وكان «يجيب دعوة الحرّ والعبد ولو على ذراع أو كراع ، ويقبل الهديّة ولو أنها جرعة لبن ويأكلها ولا يأكل الصّدقة. لا يثبت بصره في وجه أحد» (٣) «كان إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل» (٤).
فحياته ومعاشرته (ص) كانت عادية تماما وبدون تجمّلات ، بحيث أنّ الغريب كان إذا أقبل على مجلسه (ص) يضطر أن يسأل : أيكم محمّد؟
ب ـ وعدل بلغ بصاحبه حدّ الميزان الدقيق الحساس ، دقّة ، إلى درجة أنّه ساوى بين نفسه وبين النّاس في العطاء. ولم يكن يقبل بأدنى تجاوز لحدود الله ... فعند ما اخبر أنّ فاطمة المخزوميّة سرقت لم يتقبل وساطة اسامة بن زيد وقال : «إنما هلك من
__________________
(١) كنز العمال ج ٣ ص ١٦ حديث ٥٢١٧.
(٢) نهج البلاغة (صبحي الصالح) ص ٢٢٨.
(٣) البحار ج ١٦ ص ٢٢٦ ـ ٢٢٨.
(٤) البحار ج ١٦ ص ٢٤٠.