(وَراوَدَتْهُ الَّتِي
هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ
قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ
الظَّالِمُونَ. وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ
رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا
الْمُخْلَصِينَ) .
ويجري يوسف (ع)
نحو باب الدار في عملية سباق وصراع محاولا الهرب من ذلك الموقف الشيطاني الذي حصل
في الدار. في حين بذلت هي كل المحاولات بعد أن استزلها الشيطان ، فتتبعه وكلها رغبة
واندفاع حتى أمسكت قميصه وسحبته بقوة كي لا يترك دارها ، ويوسف (ع) يحاول فتح
الباب حتى تمزق قميصه ، تخلصا من ذلك الموقف.
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ
وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما
جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) .
وكان العزيز عند
الباب مما أسقط في يدها وذهب ما كانت تسعى إليه. فتتدارك الموقف وتظهر نفسها بمظهر
البريئة المظلومة ، وتدّعي خلاف الحقيقة والواقع ، وتحاول إلصاق التهمة بيوسف ،
ويوسف (ع) يدافع عن نفسه. وامرأة العزيز تصر على الاتهام بعناد.
وهنا تتدخل
العناية الالهية الحكيمة للدفاع عن يوسف (ع) لتبرىء ساحته من التهمة الموجهة إليه
، ولتصون شرفه وسمعته أمام العزيز والمجتمع ، حيث تجري حكمة إلهية على لسان طفل
صغير كان موجودا في البيت ، وهذا اللطف الرباني والقانون العدلي كان ولا يزال
مصدرا مفيدا من مصادر الطب العدلي في وقتنا الحاضر ، وينطلق لسانه بالحق : (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي
وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ
وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ
__________________