أمر تمييز أنّ هذا ثقة وذاك ضعيف هل هو قضية ضرورية يحتاج الفقيه إليها حاجة ماسّة أو أنّ ذلك قضية يمكن الاستغناء عنها.
اختار بعض العلماء عدم الحاجة إلى علم الرجال ، بل لربّما مال بعضهم الآخر إلى تحريمه بدعوى أنّ فيه كشفاً عن عورات المؤمنين من قبيل أنّ هذا ضعيف لا يؤخذ بحديثه وذاك كذّاب ... إلخ.
ويمكن ربط هذا الاختلاف في الحاجة إلى علم الرجال وعدمها بالأقوال المتقدّمة ، فإذا بني منها على أنّ الخبر إذا عمل به المشهور فهو ثقة حتّى ولو لم يكن رواته ثقات فلا حاجة بنا إلى علم الرجال ، إذ المدار على عمل المشهور وليس على وثاقة الراوي ليحتاج إلى تشخيص الوثاقة. كما أنّ الحاجة إلى علم الرجال تضعف وإن لم تنعدم بشكل كلّي فيما إذا بني على انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، فإذا بني على هذا الرأي لا تبقى حاجة إلى البحث عن وثاقة الرواة ما دمنا قد فرضنا المشهور بالرواية. وحيث إنّ الصحيح عندنا ممّا تقدّم هو حجّيّة خبر الثقة وعدم كفاية الانجبار إذا لم يبلغ إلى مستوى المورث للاطمئنان بالصدق فتكون الحاجة إلى علم الرجال ثابتةوبشكل ماسّ(١).
وهناك من ذهب إلى عدم الحاجة إلى هذا العلم ، فمنهم من التزم حجّيّة الخبر الموثوق والمراد به أن يحصل الوثوق بصدوره حتّى لو كان المخبرغير ثقة فالمدار ليس وثاقة الراوي وعدمه ، ومنهم من قال بحجّيّة الأخبارالواردة في الكتب الأربعة لأنّها قطعية الصدور كما صرّح الأخباريّون وبعض العلماء وعليه لا حاجة إلى علم الرجال طالما أنّ جميع هذه الأخبار
__________________
(١) القواعد الرجالية ٢/١١ ، منتهى المقال في الدراية والرجال : ١٣٩.