حقّ علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم وإثبات الذين عرفانهم بشرائط العدالة والتثبّت في الرواية ممّا يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته ، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم أهل ورعوتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبيت فيه ، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات ولا غلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوهووعوه»(١).
وعلى ما يبدو فإنّ كلام ابن أبي حاتم يدلّ دلالة واضحة على تداخل خنادق المعرفة والمهامّ بين علمي الرجال والجرح والتعديل ، وعليه سوف أفردفصلاً خاصّاً بألفاظ الجرح والتعديل لأهمّيتها ولكونها تشكّل جزءاً مهمّاًمن أحكام الرجاليّين بحقّ الرواة ، فضلا عن التصاقها بكتب الرجال وعلم الرجال.
علم الرجال بين الحاجة إليه وعدمها :
لقد طال الحوار حول الحاجة إلى علم الرجال وعدمها ، فمن قائل بتوقّف الاستنباط عليه ـ وإنّ رحاه تدور على أمور منها العلم بأحوال الرواة ـ ولولاه لما تمكّن المستنبط من استخراج كثير من الأحكام من أدلّتها ، إلى قائل ينفي الحاجة إليه محتجّاً بوجوه منها قطعية أخبار الكتب الأربعة(٢)صدوراً ، إلى ثالث قال بلزوم الحاجة إليه في غير ما عمل به من مشهور الروايات.
__________________
(١) الجرح والتعديل ١/٥ ـ ٦.
(٢) وهي كتب الصحاح عند الشيعة الإمامية وعددها أربعة : الكافي لمحمّد بن يعقوب الكليني (ت٣٢٩ هـ) ، ومن لا يحضره الفقيه لمحمّد بن عليّ الصدوق (ت٣٨١ هـ) ، وكتابي التهذيب والاستبصار لمحمّد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠ هـ).