(... وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ ...)(١) ، ولكن جماعة اخرى منهم كانوا قد عرفوا الحقيقة بطبيعة الحال ، ولا سيّما الحواريين منهم الذين أخبرهم عيسى عليهالسلام بذلك ، على ما تشير إليه بعض النصوص والروايات وتقتضيه طبيعة الأشياء (٢).
وتطوّر هذا الاختلاف ، فكان سببا ومجالا للتحريف في العقيدة ، والغلوّ في
__________________
(١) النساء : ١٥٧.
(٢) فقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم القمي بسند صحيح عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في تفسر قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ...) ، حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ عيسى عليهالسلام وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه ، فاجتمعوا إليه عند المساء ، وهم اثنا عشر رجلا ، فأدخلهم بيتا ، ثمّ خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء ، فقال : إنّ الله أوحى إليّ أنّه رافعي إليه الساعة ومطهّري من اليهود ، فأيّكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ، ويكون معي في درجتي؟ فقال شاب منهم : أنا يا روح الله ، قال : فأنت هو ذا ، فقال لهم عيسى : أمّا إنّ منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة ، فقال له رجل منهم : أنا هو يا نبي الله؟ فقال له عيسى : أتحس بذلك في نفسك؟ فلتكن هو ، ثمّ قال لهم عيسى عليهالسلام : أما إنّكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق : فرقتين مفتريتين على الله في النار ، وفرقة تتّبع شمعون صادقة على الله في الجنة. ثمّ رفع الله عيسى إليه من زاوية البيت وهم ينظرون إليه».
ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتهم ، فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى عليهالسلام : إنّ منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة ، وأخذوا الشابّ الّذي القي عليه شبح عيسى فقتل وصلب ، وكفر الّذي قال له عيسى : تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة». تفسير القمي ١ : ١٠٣.