شخصية عيسى عليهالسلام ؛ إذ حاول بعض المسيحيّين الغلاة والمنحرفين أن يهربوا من الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية للقتل والصلب : بأن يدّعوا أنّ المسيح هو الله الذي حل في روح القدس فجاء مريم عليهاالسلام فحملته ثمّ تحول إلى صورة بشر ، وهو عيسى المسيح ؛ ليفدي البشرية من خطيئتها بتعرضه للقتل والصلب والعذاب والآلام البدنية والروحية ، ثمّ ليرتفع مرة اخرى إلى السماء ومحلّه الأول ، ويرجع إلى حاله الاولى. فكانت عقيدة التثليث.
وبذلك حاولوا ـ أيضا ـ أن يفسروا ولادة المسيح بدون أب ؛ إذ وصفوا المسيح بالالوهية والربوبية ، وأخرجوه من الإنسانية ، فهو غير بشر ؛ لذا كانت ولادته استثنائية.
وإلى هذا الاختلاف يشير القرآن الكريم بعد ذكر ولادة عيسى عليهالسلام في سورة مريم بقوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(١).
كما تشير إليه الآية (٦٥) من سورة الزخرف :
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ* أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى
__________________
(١) مريم : ٣٧.