ولا يشير القرآن بشكل قاطع إلى أنّ هذه الحركة في بدايتها كانت برضا فرعون بعد أن شاهد هذه المعجزات وآيات العذاب ، أو أنّها كانت بدون رضاه ، ولكن قد يكون في قصّة مطاردة فرعون بجنوده لموسى وبني إسرائيل دلالة على أنّ الحركة كانت رغما على فرعون وبدون رضاه.
ونحن يمكن أن نلاحظ في هذه المرحلة امورا ثلاثة :
الأوّل : أنّ بني إسرائيل كانوا يلتفون حول موسى دون أن يكون هناك خلاف في صفوفهم ، أو دون أن يبرز هذا الخلاف إلى السطح الاجتماعي ، والقرآن وإن كان لا يصرّح بشيء من ذلك ، ولكن تدعونا إلى هذا الحكم طبيعة الأشياء ؛ إذ كان الإسرائيليون بالأصل أهل كتاب ونبوّات ، كما أنّهم كانوا يتعرضون لأشدّ ألوان العذاب ، وبذلك هم ينشدون الخلاص ، إضافة إلى سكوت القرآن عن إبراز أي خلاف بين بني إسرائيل وبين موسى في هذه المرحلة ، واستجابة بني إسرائيل إلى متابعة موسى في هذه الهجرة من مصر.
نعم ، يشير القرآن إلى نقطتين قد يفهم الخلاف منهما ، هما : قلة الأشخاص الذين آمنوا بموسى من قومه ، واعتراضهم عليه بنزول الأذى فيهم قبل موسى وبعده.
الثاني : أنّ موسى كان يعمل بوسائل شتى من أجل إنجاح دعوته ، فكان يتوصل إلى ذلك بالمناقشات الهادئة مرة ، وبالمعاجز والآيات ذات الطابع الانتقامي الشديد ثانية ، وبالصبر والصمود والانتظار ثالثة.
وقد توصل نتيجة لذلك إلى تحقيق بعض أهدافه ، حيث نجد الدعوة تحقق نجاحا في صفوف بعض الفرعونيين أيضا ، كإيمان السحرة له ، ووجود ظاهرة مؤمن آل فرعون ، وإيمان زوجة فرعون.
الثالث : أنّ موسى كان يعتمد للحماية من الغضب والانتقام الفرعوني على