وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ
____________________________________
من خلفهم ، إذ الشمس تدور في جانب الجنوب من «الشام» (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ) أي فضاء متسع (مِنْهُ) أي من الكهف ، فقد كانت له ساحة وسيعة ، ناموا هناك ، فلم يكن تصيبهم الشمس ليتأذوا بحرّها وتبليهم أشعتها (ذلِكَ) الوضع لهم في الكهف لا تؤذيهم الشمس ، وهم نيام مستريحون مدى السنين الطوال (مِنْ آياتِ اللهِ) حججه وبراهينه ، فإن ذلك يدل على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته (مَنْ يَهْدِ اللهُ) إلى الحق ، بأن لطف به الألطاف الخفية ـ بعد أن سلك السبيل الذي أراه سبحانه ، لكل مؤمن وكافر ـ (فَهُوَ الْمُهْتَدِ) الذي رشد ، وأصاب الخير والسعادة (وَمَنْ يُضْلِلْ) بترك الألطاف الخفية بالنسبة إليه ، بعد أن أعرض عن الهداية (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ) يا رسول الله (وَلِيًّا مُرْشِداً) من يتولى شؤونه ، ويرشده إلى الحق ، إذ لا مرشد إلا الله سبحانه.
[١٩] (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً) لو رأيتهم هناك في الكهف ، وهم نيام لظننتهم يقظين منتبهين ، قيل : لأن عيونهم كانت مفتوحة (وَهُمْ رُقُودٌ) والحال أنهم كانوا نائمين ، فإن الإنسان كثيرا ما تبقى عينه مفتوحة عند النوم ، إذا أخذه المنام قبل أن يغمض عينه ـ لشدة تعب أو ما أشبه ـ (وَنُقَلِّبُهُمْ) في نومهم (ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) أي إلى جهة اليمين وجهة الشمال ، حتى لا تأكل الأرض أبدانهم ، فإن الشيء إذا بقي مدة طويلة على الأرض ، انقلب ترابا ، وقد طال نوم هؤلاء مئات