وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ
____________________________________
والعصيان العقاب ، وللإيمان والإطاعة الثواب ، ثم إذا خالفوا عذبناهم ، بعد إتمام الحجة ، وقيام الأدلة والبراهين ، فالأوامر العقلية قبل إتمام الحجة الخارجية ، لا توجب عقابا لمن خالفها.
[١٧] إن الله لا يعذب حتى يبعث رسولا وحجة ليدل الناس على مواقع المحظور ـ كما سبق ـ فإذا عتت قرية عن الطريق المستقيم ، لا يعذبها الله سبحانه بمجرد ذلك ، وإنما يبعث الرسول بالأوامر والنواهي ، وهناك يخالف المترفون والسادة الأعلون ـ ويتبعهم الجمهور طبعا ـ فيستحقوا العقاب بعد تمام الحجة (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) لأنها أسرفت في الكفر والفساد ، لم نهلكها بدون إتمام الحجة ، بل (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بأوامرنا ، وإنما خص المترفين ، مع أن الأمر عام لكل الناس ، لأنهم هم الذين إن أطاعوا أطاع الناس ، وإن عصوا عصى الناس ، ولذا كان الأنبياء ، يذهبون إلى الملوك ، ويعارضون السلطان بادئ ذي بدء ، فإن الناس على دين ملوكها وكبرائها (فَفَسَقُوا فِيها) أي خرجوا عن الطاعة في تلك القرية ، تقول : أمرته فعصاني ، أي أمرته بأوامري فعصاني ، ولم يمتثل ، وهناك حيث خالفوا أوامر الرسل ، وتمت عليهم الحجة (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) أي ثبت على تلك القرية ، قولنا بالهلاك والدمار (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) أي أهلكناها إهلاكا.
[١٨] وقد جرت هذه السنة في الأمم السابقة (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ) جمع قرن وهو الأمة يقال لها قرن ، لتقارن سن أفرادها تقريبا ، كما يقال للزمان قرن ، باعتبار تقارن أعمار من فيه (مِنْ بَعْدِ