كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥)
____________________________________
لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (١) (كَفى بِنَفْسِكَ) أيها الإنسان في هذا (الْيَوْمَ) يوم القيامة (عَلَيْكَ) أي على نفسك (حَسِيباً) محاسبا ، لأنه يرى أعماله ، وجزاء كل عمل ، فلا يحتاج إلى غيره حتى يحاسبه ، وهذا غاية في الدقة والإنصاف ، حيث أن العامل هو المحاسب ، وإنما كانت الدقة ، لأنه لا يزيد على السيئات شيئا ، ولا ينقص من الحسنات شيئا.
[١٦] وإذ تبين أن هناك حساب على الأعمال ، وأن خيره وشره ، لا بد وأن يلاقيه الإنسان يوم الجزاء ف (مَنِ اهْتَدى) إلى الإيمان والإطاعة (فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) فإن نفع هداه يعود إليه (وَمَنْ ضَلَ) عن الطريق بالكفر أو العصيان (فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي يعود ضرر ضلاله على نفسه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) لا تحمل نفس حاملة للذنوب (وِزْرَ أُخْرى) أي ذنوب نفس أخرى ، فلكل إنسان ذنبه ، أما من ضل غيره ، فإنه يحمل ذنب نفسه وذنب إضلاله ، فهو أيضا حامل لذنب نفسه ، كما قال سبحانه (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٢) وعلى هذا ، فلا يظن إنسان ، أن من يأمره بالكفر أو العصيان يحمل تبعته يوم القيامة (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) أي إنما لا نعذب أحدا من الكفار والعصاة (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) يبين أن على الكفر
__________________
(١) تفسير العياشي : ج ٢ ص ٢٨٤.
(٢) النحل : ٢٦.