وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ
____________________________________
لها عاقبة وخيمة ومستقبل سيئ.
[١٣] ثم ينتقل السياق من قضايا الرسل والأمم إلى الآيات الكونية ، وموقف الإنسان في هذه الحياة ، وما سيلاقي من ثواب أو عقاب جزاء أعماله (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) من آيات الله سبحانه ، ففي خلقهما وتنظيم المعاش والاستراحة للبشر بها ، دلالة على وجود إله عليم قدير حكيم (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) إضافة الآية إلى الليل بيانية ، أي جعلنا الليل ـ الذي هو آية ـ ممحيا ، فكما أن الخط إذا محي يبقى بعض آثاره ، والبناء إذا أزيل يبقى بعض أطلاله ، كذلك الأشياء تظهر في الليل ، كالشيء الذي محي ، فيرى بعضها ولا يرى بعضها ، فنسبة المحو إلى الليل وهو للأجسام التي فيه ـ مجاز ـ بعلاقة الحال والمحل ، وهذا من بدائع البلاغة (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ) أي النهار الذي هو آية (مُبْصِرَةً) فقد نسب الإبصار الذي هو للإنسان والحيوان إلى النهار ، مجازا بعلاقة الحال والمحل ، أو السبب والمسبب أو النهار سبب الإبصار ، وإنما جعلنا كذلك (لِتَبْتَغُوا) أي تطلبوا بسبب هاتين الآيتين (فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) في النهار المال والمعاش ، وفي الليل الراحة والأولاد ، فإن كل ذلك فضل منه سبحانه ، (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ) فإن السنة تتولد من الأيام ، كما يتولد منها الأسبوع والشهر (وَالْحِسابَ) آجال العقود والمفاوضات والديون والأسفار وغيرها مما يعدّ ، فيؤتي به أول موعده (وَكُلَّ شَيْءٍ) من كليات ما يحتاج إليه