وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)
____________________________________
[٥] (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي أعلمنا بني إسرائيل (فِي الْكِتابِ) الذي أنزلناه على موسى ، وهو التوراة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) أي تفسدون في الأرض التي تسكنونها وهي بيت المقدس مرتين ، بالكفر وإظهار المعاصي ، قال ابن عباس : كان فسادهم الأول قتل زكريا ، والثاني قتل يحيى بن زكريا ، ثم سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ملكا من ملوك فارس في قتل زكريا ، وسلط عليهم في قتل يحيى بخت نصر ، وهو رجل من بابل ، أقول : من عجيب أمر اليهود ، أنهم يعملون ويعملون حتى يكون لهم سلطان وقوة ، ثم يتخذون ذلك وسيلة للفساد ، فيسلط الله عليهم من يبيدهم ويكثر القتل فيهم ، ـ كما هي السنة الجارية أن من تكبر وفسد يبتلى بمن ينتقم منه ـ وإذا ذهب سلطانهم أخذوا في العمل من جديد ، وهكذا دواليك ، وفي التاريخ القريب ، لما قويت شوكتهم ، أخذوا في الفساد ، حتى سلط عليهم «هتلر» فقتلهم وشردهم ، ثم نراهم من جديد ـ بعد تلك الاضطهادات ، وبعد أن صارت لهم قوة ـ أخذوا يعيثون في فلسطين الفساد ، فمن يا ترى يسلط عليهم هذه المرة؟ (وَلَتَعْلُنَ) أي ترتفعن بعد ذلك (عُلُوًّا كَبِيراً) إما المراد قوتهم وشوكتهم بعد المرتين أو المراد استكبارهم وظلمهم وتعديهم ، كما حدث في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث استكبروا وطغوا بالكفر بالرسول وأذى المؤمنين ، وما ورد في بعض الروايات من تطبيق الآية على هذه الأمة في ظلمهم الأئمة عليهمالسلام ، فإن ذلك من باب القاعدة الكلية التي تنص على أن مثل القرآن مثل الشمس التي تطلع كل يوم على جميع الناس ، فالقرآن ينطبق في كل زمان على