فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)
____________________________________
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من أمور دينهم فيميز المحق من المبطل ويجازي كلّا حسب عمله ، أما أنت فلا ترتبط بهم ، وإنما ترتبط بإبراهيم عليهالسلام ، كما نقول لمن يقف متفرجا على تخاصم ، اذهب أنت في طريقك ، أما هؤلاء ، فإن المحكمة تفصل بينهم.
[١٢٦] وإذ كنت يا رسول الله متبعا طريق إبراهيم عليهالسلام ، غير مرتبط باليهود والمشركين فعليك أن تدعو الناس إلى هذه الطريقة (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) أي ادع الناس إلى طريقه سبحانه (بِالْحِكْمَةِ) وهي وضع الشيء موضعه ، بأن تكون الدعوة حكيمة في الأسلوب والزمان والمكان (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) بأن تكون الدعوة وعظا حسنا ، لا يسبب تشريد الناس ، بل إقبالهم ، فقد يقول الإنسان للفاسق : يا فاسق ويبصق في وجهه ـ فإنه يزيده عنادا ـ وقد يقول له : أيها الأخ إنك شاب لطيف ، فلما ذا لا تسلك سبيل ربك الذي نهاك عن العمل الكذائي ، وهكذا (وَجادِلْهُمْ) أي حاجج وناظر من كفر وعصى (بِالَّتِي) أي بالطريقة التي (هِيَ أَحْسَنُ) الطرق ، حيث لا تثير عنادهم ، ولا تجرح كبريائهم (إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) وأعرف بطباعهم ونفسياتهم ، فأمره إياك بالدعوة هكذا ليس إلا لأنه أعلم بما يصلحهم (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) الذين اهتدوا فجزاؤهم عليه ، وليس عليك إلا الدعوة بهذه الكيفية.
[١٢٧] ولقد كانت الدعوة معرضة لأصناف الأخطار ، والداعي ومن تبعه