ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا
____________________________________
والمشركون (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله ـ بعد فترة طويلة بينك وبين إبراهيم ـ (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) أي طريقته وسنته في التوحيد ، وسائر المعارف ، مقابل اتباع طريقة الكفار أو طريقة اليهود (حَنِيفاً) في حال كونك حنيفا عن الباطل ، أو في حال كون إبراهيم حنيفا (وَما كانَ) إبراهيم (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) كما يزعم هؤلاء ، وهذا للتأكيد ، بأنه لم يكن كما زعموا ، وإن كان قد سبق أنه عليهالسلام لم يك مشركا.
[١٢٥] وحيث ندّد سبحانه بالمشركين بقوله (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) عطف على اليهود بالتشديد بهم فكيف أنهم يدعون اتباع إبراهيم ، فهم غافلون لأحكام الله سبحانه من أول الأمر ، والشاهد لذلك يوم السبت الذي حرّم الله فيه الصيد لهم ، فاستحلوه ، وصادوا فيه ، فلعنهم الله ومسخهم قردة وخنازير (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) أي قرر تحريم الاصطياد فيه (عَلَى) اليهود (الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي في إبراهيم عليهالسلام ، فتبع بعض سبيله ، بأن اتبعوا موسى عليهالسلام ، وخالف بعض ، بأن انحرفوا عن الدين ، أو أن الضمير يرجع إلى «السبت» أي جعل السبت على أولئك الذين اختلفوا في السبت ، فحرموه جماعة منهم بكفهم عن الاصطياد ، وأحلوه جماعة بالاصطياد فيه ، وليس السبت ـ كناية عن الدين الذي لهم السبت ـ مرتبطا بالمسلمين وبمناهجك يا رسول الله ، كما نقول «السبت لأصحابه» تريد أن اليهودية لليهود لا ترتبط بنا (وَإِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي بين المختلفين (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا