وَاللهُ
خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٧٠)
____________________________________
أردف سبحانه في هذه الآيات نعما جميلة متشابهة في كونها عصيرة الأشياء
فالمطر عصير السحاب ، واللبن عصير الفرث والدم ، والسكر والرزق الحسن عصير الثمار
والأشجار ، والعسل عصير النحل ، وقد هيأ الله سبحانه هذه الأرزاق الطيبة النظيفة
للإنسان ، من السماء والأرض ، والجبال والأشجار ، والطيور والبهائم ، ليشكر
الإنسان ويعرف باريه.
[٧١] وقد جعل
الله لكم حياة ورزقا ، وأزواجا ، بعد تلك النعم السابقة ، فهل تؤمنون بعد ذلك بالباطل
(أَفَبِالْباطِلِ
يُؤْمِنُونَ) ؟ (وَاللهُ خَلَقَكُمْ) أيها البشر (ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) يميتكم ، فحياتكم وموتكم منه (وَمِنْكُمْ) أيها البشر (مَنْ يُرَدُّ إِلى
أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أخسه وأحقره وهو الهرم الذي يشابه الطفولية في نقصان
العقل والقوة ، فينحرف ، ولعل تسميته «ردّا» لأنه ارتداد إلى حالة الصغر فيعود كما
كان (لِكَيْ لا يَعْلَمَ
بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) اللام للعاقبة ، أي عاقبة الردة عدم علمه بشيء لأنه خرف
وذهب عقله ، بعد أن كان عالما ، يعلم الأشياء ، ويعرف الأمور (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بمصالح عباده ولذا يفعل بهم هذه الأحوال (قَدِيرٌ) على ما يشاء من تدبير أمورهم وإماتتهم بعد إحيائهم ،
ولعل الإتيان بهذه الصفة «ومنكم ...» لكسر كبرياء الإنسان وأن يتذكر ما يصيبه بعد
القوة والعلم ، من الضعف والجهل ، لعلّه يتوب ويئوب ... كما إن نفس تلك الحالة مما
تقرب الإنسان إلى الطاعة فقد تحطمت فيه الشهوات ،
__________________