وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ
____________________________________
الشيء كاملا ومنه الوفاة ، فإن الإنسان إذا نام أخذ الله روحه المتصرفة التي تبصر وتسمع وتذوق وتلمس وتشم ، وهذه الآية كقوله سبحانه : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (١) ، وإنما الفرق أن الموت توف بمعنى أتم من التوفي ، بمعنى النوم (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ) أي ما كسبتم وفعلتم ، أي عملتم بجوارحكم (بِالنَّهارِ) وهذا التفصيل خارج مجرى الغالب ، وإلا فهو يتوفى بالنهار لمن نام فيه ، ويعلم ما جرح الإنسان بالليل لمن عمل فيه (ثُمَ) بعد توفيكم بالليل (يَبْعَثُكُمْ) أي يوقظكم وينبهكم من نومكم (فِيهِ) أي في النهار (لِيُقْضى) أي لينهى (أَجَلٌ مُسَمًّى) أي أمدكم الذي سماه سبحانه في اللوح المحفوظ ، يعني أنه إنما يوقظكم في النهار حتّى لا يموت الإنسان قبل وقته (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) بعد تمام المدة وانتهاء الأمد ، ترجعون إليه سبحانه في الآخرة ، والمراد : إلى حسابه ، وإلا فليس له سبحانه محلّ ، فإنه منزّه عن الزمان والمكان (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ) أي يخبركم ـ بعد رجوعكم إليه ـ (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ليعطي كلّ ذي جزاء جزائه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
[٦٢] (وَهُوَ) سبحانه (الْقاهِرُ) أي القادر الذي يقهر ويجبر كما يشاء (فَوْقَ عِبادِهِ) أي مستعل عليهم ، فإن من يتصرف في الإنسان يكون
__________________
(١) الزمر : ٤٣.