وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ
____________________________________
وَالْبَحْرِ) المراد بالبر : الأعم من المدن ، والبحر : الأعم من الأنهار ، بقرينة المقابلة (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) من أوراق الأشجار (إِلَّا يَعْلَمُها) ، (وَلا) من (حَبَّةٍ) كامنة (فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) أي جوفها ، أو لا تسقط حبة في باطن الأرض مما تزرع أو غيره. وقد كان التقابل بين «ما تسقط من ورقة» وبين «ولا حبة» لطيفا جدا ، حيث أن الأول حركة الحياة إلى الموت ، والسقوط الثاني حركة الموت إلى الحياة والارتفاع (وَلا) من (رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) من جميع الأشياء والأصناف. وهذا وإن كان أخص من الموجودات ، لأن من الأشياء ما لا يتصف برطوبة لا يبوسة كالعقل ، إلّا أن العموم يشمله الفحوى ، وكثيرا ما يقال اللفظ الأخص ويراد الأعم حيث أن الأخص صار مثلا ، كقوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) (١) ، فإن الأكثر داخل بالفحوى (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي إن جميع الأشياء محفوظة عند الله سبحانه في كتاب واضح جليّ ، وهو اللّوح المحفوظ ، أو المراد بالكتاب علمه الشامل. ولعلّ التعبير بالكتاب لأجل بيان أنه محفوظ لا يزول ، كما أن الكتاب كذلك.
[٦١] (وَهُوَ) سبحانه كما يعلم الأشياء كذلك تجري الأشياء بقدرته وإرادته ، فأنتم أيها البشر في قبضته وطوع أمره ، فإنه (الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) أيها البشر (بِاللَّيْلِ) أي يقبض أرواحكم عن التصرف ، و «التوفي» أخذ
__________________
(١) التوبة : ٨٠.