ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً
____________________________________
لعلمه هو والجاهل سواء ، وكأنه للجهل بالنتائج والعواقب المرتبة على العمل ، وإلا فالآية تشمل العمل ، بل هو موردها.
(ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) أي بعد العمل (وَأَصْلَحَ) أي عمل صالحا (فَأَنَّهُ) أي الله سبحانه (غَفُورٌ) لذنبه (رَحِيمٌ) به. وكان الإتيان ب «رحيم» بعد «غفور» غالبا ، لإفادة الفضل في لطفه وإحسانه.
[٥٦] (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي كما سبق نفصل الأدلة والبراهين الدالة على التوحيد وسائر شؤون المبدأ والمعاد ، ونشرحها ونبيّنها ، حتى يتضح سبيل المهتدين (وَلِتَسْتَبِينَ) أي تظهر (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) المعاندين ، فإن في بيان الحق وضوح الأمرين ؛ سبيل المحق وسبيل المبطل. ولفظة «سبيل» مما يجوز التذكير والتأنيث ، ولذا قال : «تستبين» بالتأنيث.
[٥٧] ثم أمر سبحانه رسوله بالبراءة مما يعبد المشركون بقوله : (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء المشركين : (إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها ، والمراد ب «من دون الله» ما خلا عبادة الله ، فإن النهي أعم من عبادة الأصنام وحدها أو بالاشتراك مع عبادة الله ، فإن عبادة الأصنام إنما أتت من هوى النفس لا من دليل عقلي أو منطقي (قُلْ) يا رسول الله لهم : (لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) في عبادة الأصنام (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) إذا فعلت أنا ذلك