رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
____________________________________
رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ) أي صباحا (وَالْعَشِيِ) طرف العصر (يُرِيدُونَ) بالدعاء والضراعة (وَجْهَهُ) أي ذاته سبحانه خالصا مخلصا. وقد ورد أنه مرّ ملأ من قريش على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وسلمان وغيرهم من ضعفاء المسلمين فقالوا : يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعا لهم؟ أهؤلاء الذين منّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلّك إن طردتهم تبعناك. فنزلت الآية.
وفي بعض التفاسير أنه طعن أولئك الأشراف في سيرة هؤلاء الفقراء وأعمالهم ، كي يدفعوا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لإبعادهم عنه ، فرد عليهم سبحانه بقوله : (ما عَلَيْكَ) أي ليس عليك (مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فأنت لا تتحمل تبعة سيرتهم (وَما مِنْ حِسابِكَ) يا رسول الله (عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فإنهم لا يطالبون بحسابك ، بل كلّ وعمله ، فسيرتهم لو كانت كما يقولون لا تضرك (فَتَطْرُدَهُمْ) فإن الشخص إنما يطرد من تضره سيرته ، أما من كان قلبه عامرا بالإيمان وصلاته دائمة طرفي النهار فإن فقره وسيرته لا يوجبان طرده ـ لو فرض أن في سيرته ميل ـ (فَتَكُونَ) بسبب طردهم (مِنَ الظَّالِمِينَ) لهم ، أو لنفسك ، فإن الإنسان إذا ظلم غيره فقد ظلم نفسه أيضا ، وسيقت هذه الجملة مبالغة في ردع من طلب طرد أولئك.
[٥٤] (وَكَذلِكَ) أي هكذا (فَتَنَّا) أي ابتلينا (بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) حيث ابتلينا