قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ
____________________________________
مما يؤذي الإنسان وينغّص عيشه.
[٥١] إن الكفار كانوا يستعظمون كيف يمكن أن يكون الإنسان رسولا بدون أن يكون له مال عريض أو علم غيب ذاتي يعينه في أموره وحوائجه ، ويردّ الله سبحانه عليهم ذلك ، بأن الرسالة لا ترتبط بهذه الأمور ، وإنما هي هداية ونور (قُلْ) يا رسول الله : (لا أَقُولُ لَكُمْ) أيها الناس (عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) التي يهب منها لمن يشاء ما يشاء. ومن المعلوم أنه ليس لله سبحانه خزائن بالمعنى المتعارف لدينا ، بل خزائنه الأرض والشمس والمعادن وما أشبه ، مما تفيض ثروة ومالا. وفي الحديث القدسي : «إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون» (١).
والمراد ب «عدم القول» عدم الوجود ، فهو من السالبة بانتفاء الموضوع (وَلا) أقول (أَعْلَمُ الْغَيْبَ) كما يعلم الله سبحانه ، بل إنما أعلم بما يوحي إليّ بإذن الله سبحانه ، كما قال عيسى عليهالسلام : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) (٢) ، وفي الآية الكريمة : (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (٣) ، (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) كما أنكم تتوقعون أن يكون الرسول ملكا (إِنْ أَتَّبِعُ) أي ليس لي شأن إلّا أن أتبع ، و «إن» بمعنى «ما» (إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) من الأوامر والنواهي لأجل الإرشاد والإصلاح (قُلْ) يا رسول الله لهم : إن مثل المؤمن والكافر كمثل البصير الذي يبصر الأشياء
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ ص ١٣٥.
(٢) آل عمران : ٥٠.
(٣) الجن : ٢٧ و ٢٨.