وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩)
____________________________________
(وَمُنْذِرِينَ) بالنار والعقاب لمن كفر أو عصى (فَمَنْ آمَنَ) بما أمر الله الإيمان به (وَأَصْلَحَ) أعماله (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لا في الدنيا ولا في الآخرة ، أما في الآخرة فواضح ، وأما في الدنيا فلأن الخوف والحزن الحقيقيين ما كانا مع الانقطاع عن العوض والثواب وما أشبهها ، وليس المؤمن كذلك فإنه يعلم أن ما يصيبه يعقبه الثواب والأجر. ولذا قال الإمام الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء : «هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله» (١) ، والارتباط بين هذه الآية والآية السابقة واضح فإن العذاب لما وعد به الكفار بيّن أن الرسل شأنهم التبشير والإنذار.
[٥٠] (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ) أي يصيبهم العذاب (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي بسبب فسقهم وخروجهم من طاعة الله سبحانه. ثم لا يخفى أن الغالب تفسير الآيات الدالة على العذاب بعذاب الآخرة ، مع أن الإطلاق خلاف ذلك ، فإن من أعرض عن ذكره سبحانه يصيبه العذاب في الدنيا وفي الآخرة ، كما قال سبحانه : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) (٢) ، وسببه واضح فإن المناهج التي يتبعها الإنسان مما وضعها غير الله سبحانه لا بد وأن تكون منحرفة ، وهذا الانحراف يسبب الفوضى والاستبداد وما أشبه ،
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٤٥.
(٢) طه : ١٢٥.