وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ
____________________________________
كما أنه يشمل حيوانات البر ، لمقابلته بالطائر ، وذكر «في الأرض» للتعميم ، (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) كما أن ذكر «يطير بجناحيه» للتعميم أيضا ، والسر أنه كثيرا ما يعبّر بمثل هذا التعبير ويراد به العموم مبالغة ، فإذا جاء القيد أفاد العموم الاستغراقي (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) أيها البشر فإن كل نوع منهما أمة مستقلة وهي مثلكم في الإبداع ولطف الصنع ودقة التركيب (ما فَرَّطْنا) أي ما تركنا (فِي الْكِتابِ) أي كتاب الكون ، فإن الكون كتاب الله والموجودات كلماته ، وإنما سمّي الكون كتابا ، لأن الكتاب بمعنى الجمع ، من كتب بمعنى جمع ، وهذا الكون قد جمع الأشياء فهو كتاب الله التكويني (مِنْ شَيْءٍ) فهذا الكتاب قد اشتمل على جميع الأشياء ومختلف الأصناف ، فهل بعد ذلك يطلب أحد دليلا على وجود الله؟ (ثُمَ) هذه الأمم كلها بعد الممات (إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) أي يجمعهم يوم القيامة جميعا ، كما قال : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (١) ، فمنه سبحانه بدؤها وإليه عودها.
[٤٠] (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي بدلائلنا الدالة على وجودنا وسائر صفاتنا ، بعد هذه الدلائل الواضحة (صُمٌ) جمع «أصم» وهو الذي لا يسمع (وَبُكْمٌ) جمع «أبكم» وهو الذي لا يتكلم ، فهم كالذي لا يسمع ولا يتكلم حتّى يكتسب العلم ويدركه فإن العلم يأتي من الأذن ويخرج
__________________
(١) التكوير : ٦.