فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠)
____________________________________
من اللسان (فِي الظُّلُماتِ) فلا يبصر حتّى يرى الأشياء ، فإن الكافر مثل هذا الشخص لأنه قد عطّل جوارحه فلا يدرك شيئا كما لا يدرك الأعمى الأبكم الأصم شيئا (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) أي يتركه ولا يجبره على الهداية حتى يضل الطريق وذلك بعد ما بين له الحجة فلم يقبل بل أعرض عنها ـ وقد تقدم معنى ذلك ـ (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) باللطف الخفي به ، كما قال سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (١) ، (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢).
[٤١] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار : (أَرَأَيْتَكُمْ) أي أخبروني ؛ فإن «أرأيت» بمعنى «أخبر» ، و «كم» للخطاب ، وهو يتغير حسب إفراد المخاطب وتثنيته وجمعه ، كقوله سبحانه : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) (٣) ، (إِنْ أَتاكُمْ) أي جاءكم (عَذابُ اللهِ) بأن نزلت صاعقة أو خسفت بكم الأرض أو ما أشبههما ـ كما حدث في الأمم السابقة ـ (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) أي القيامة بأهوالها وعذابها (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) لكشف العذاب والأهوال عنكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن هذه الأصنام آلهة؟! وهم بفطرتهم يجيبون بالنفي ، وأنهم لا يدعون غير الله ، بل يدعون الله وحده ، وفي ذلك دلالة على بطلان الأصنام وعبادتها.
__________________
(١) محمد : ١٨.
(٢) العنكبوت : ٧٠.
(٣) الإسراء : ٦٣.