وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥)
____________________________________
فإن الكفار لا يؤمنون .. كما أن قصة موسى عليهالسلام (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) (١) ، من هذا القبيل أيضا.
(وَإِنْ كانَ) يا رسول الله (كَبُرَ) أي عظم واشتد (عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) أي إعراض هؤلاء الكفار عن الإسلام (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) أي قدرت (أَنْ تَبْتَغِيَ) أي تطلب وتتخذ (نَفَقاً) أي سربا (فِي الْأَرْضِ) تشبيه للمعقول بالمحسوس ، فكما أن من يريد فتح مدينة ، يتخذ الإنفاق من خارج المدينة إلى داخلها ثم يدخلها فجأة ليستولي عليها ، فكذلك إن تمكنت أن تصنع مثل ذلك للسيطرة على أرواح هؤلاء وقلوبهم (أَوْ) تبتغي وتطلب (سُلَّماً) أي مصعدا ومرقاة (فِي السَّماءِ) لتصعد عليه (فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) أي حجة وبرهان ، غير ما أنزلنا عليك. وجواب «إن» محذوف ، أي «فافعل» حذف لدلالة الكلام عليه ، كما تقول : «إن تمكنت أن تتصدق» وتحذف قولك : «فافعل».
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ) أي الناس (عَلَى الْهُدى) بأن يلجئهم إلى قبول الإيمان ، لكنه لا يشاء ذلك لأنه حينئذ يبطل الامتحان والاختبار (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) فإنّ الجاهل هو الّذي يظنّ أنّ بالإمكان العادي اجتماع النّاس كلّهم على أمر ، أمّا العاقل المجرّب فيعلم أنّه ما من شيء إلا وفيه خلاف وخصام حتّى البديهيّات الأوليّة
__________________
(١) الأعراف : ١٥١.