إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨)
____________________________________
والخرافة ، كما أن فيهما آيات لمن يتقي عصيان الله سبحانه. وإنما خصّوا بالذكر لأنهم المنتفعون بهذه الآيات.
[٨] ثم ذكر سبحانه جزاء الذين لا يقتنعون بهذه الآيات ، وينكرون المعاد المستلزم لإنكار المبدأ (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) أي : لقاء الله ، والمراد ب «لقائه» لقاء الجزاء المقرّر لهم من عنده ، فإن الله سبحانه منزّه عن المكان ، وإنما هو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس ، والمراد ب «لا يرجون» لا يتوقعون ، وإنما جيء بهذا اللفظ لأن كل معتقد به يرجو ثواب الله سبحانه ، فإن الإنسان بطبعه يرجو نوال الكريم. وهذا كناية عن عدم الإيمان ، فإن الذين لا يؤمنون لا يرجون المعاد (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) أي الحياة القريبة ، فإن «دنيا» مؤنث «أدنى» أي اختاروا هذه الحياة ، فصرفوا همّهم في عمارتها ، ولا يعملون إلا لها (وَاطْمَأَنُّوا بِها) أي سكنوا إليها وركنوا لها. وهذا من عجيب الأمر : كيف يركن الإنسان إلى دنيا يعلم بفنائها السريع ، ويشاهد كل يوم كثرة من الأموات؟! (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا) دلائلنا التي أقمناها على التوحيد وسائر شؤون المبدأ والمعاد ، من الأدلة الكونية وغيرها (غافِلُونَ) فلا يتأملون فيها ولا يعتبرون بها.
[٩] (أُولئِكَ) الذين تلك أوصافهم (مَأْواهُمُ) أي مستقرّهم ومرجعهم (النَّارُ) إليها يصيرون بسبب ما (كانُوا يَكْسِبُونَ) من أنواع الكفر والمعاصي.