ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)
____________________________________
(ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ) الخلق من سماوات وأرض وشمس وقمر ومنازل (إِلَّا بِالْحَقِ) فلم يكن الخلق لهوا وعبثا لا طائل فيه ، فإن فيه دلائل على الوحدانية والصفات الأزلية ، كما أن فيه الحساب والميقات والمنافع للخلق (يُفَصِّلُ) الله سبحانه (الْآياتِ) الدالة على وجوده ويبيّنها آية آية (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فيعطون كل آية حقها ، أما الجهّال فإنهم معرضون عن الآيات ((وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) (١).
[٧] ثم بيّن سبحانه آية أخرى من الآيات الدالة على وجوده مما هو ظاهر للعيان ويعرفه كل إنسان (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) والمراد ب «الاختلاف» إتيان أحدهما خلفة للآخر ، كما قال سبحانه في آية أخرى : (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) (٢). ولعلّ تقديم الليل ، لأن الظلمة هي السابقة على النور ، فقد قالوا : إن النور والظلمة «عدم وملكة» ومن المعلوم تقدم العدم على الملكة ذاتا (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ) من أنواع الكواكب والنيازك والشهب والسحاب والأمطار والرياح وغيرها (وَالْأَرْضِ) من أنواع الجبال والمعادن والمياه والنباتات والحيوانات والإنسان وغيرها (لَآياتٍ) أي أدلة دالة وبراهين ساطعة على وجود الله سبحانه وصفاته ، من العلم والقدرة والإرادة والحياة وغيرها (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) الانزلاق في مهاوي السفاسف
__________________
(١) الأنعام : ٢٦.
(٢) الفرقان : ٦٣.