الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٩)
____________________________________
[٧٩] وكان من المنافقين من يرصدون للمسلمين ليعيبونهم ، فقد جاء رجل من المؤمنين بصاع من تمر للصدقة ، فقال المنافقون : إن الله غني عن صاعه ، وإنما جاء بذلك حتى يذكر في المتصدقين. وجاء رجل آخر بصرّة من دراهم ، فقالوا : إنه جاء بذلك للرياء ، فعابوا المكثر بالرياء ، والمقل بالإقلال ، فنزل قوله تعالى : المنافقون (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ) «اللّمز» هو الطعن ، أي يطعنون (الْمُطَّوِّعِينَ) أي معطي الصدقة تطوعا من «اطّوع» ، أصله «تطوع» ، أدغمت التاء في الطاء ، وجيء بهمزة الوصل ، لتعذر الابتداء بالساكن (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ولعلّ ذكر هذا للدلالة على أن إيمان المتطوع كان اللازم أن يحجز القائلين من الطعن بهم ، لكنهم منافقون لا يبالون بالإيمان والمؤمنين (فِي الصَّدَقاتِ) كما طعنوا فيمن أعطى الدراهم (وَ) يلمزون (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) أي إلّا طاقتهم في الإنفاق والتصدق ، كما عابوا من أعطى الصاع (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) ويستهزئون بهم (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) أي يجازيهم جزاء سخريتهم. وقد تقدم تفصيل الكلام في سورة البقرة ، في قوله سبحانه : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (١) ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم موجع.
[٨٠] روي أنه عند نزول آية (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ) في حق المنافقين قالوا : يا
__________________
(١) البقرة : ١٦.