اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ
____________________________________
رسول الله استغفر لنا فوعدهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاستغفار ، فنزلت الآية : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يا رسول الله (أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) الصيغة الأولى للأمر ، والمراد بها المبالغة في الإياس ، أي سواء استغفرت لهم أم لم تستغفر فإنهم لا يستحقون الغفران ، ولذا لا يغفر الله لهم (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) صيغة مبالغة يراد بها الكثرة ، كما يقال : «لو قلت لي ألف مرة ما قبلت» لا يريد الألف ، بل المراد أنه لا يقبل وإن قال فوق الألف (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) لأنهم جبلوا على النفاق والجبل عليه لا يفيده الاستغفار ، وهذا ليس إهانة للرسول ـ كما زعم ـ بل أفرغ التوبيخ لأولئك في هذا القالب ، كما تقدم في قوله : (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) (١).
وإن قيل : كيف جاز للرسول أن يعدهم بما لم يفعل؟
قلنا : إن ثبتت الرواية ، لم يكن به بأس لأن الاستغفار إنما كان لأجل أن يغفر الله ، فإذا أخبر سبحانه بأنه لا يغفر لم يبق للاستغفار مجالا ، كما لو وعد إنسان بإطعام زيد ثم مات زيد. ثم إنه كان مراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الاستغفار بالشرط فلم يكن إخبارا مطلقا حتى يقال أنه يلزم جهله بالمستقبل ، وأنه تكلم من عند نفسه ، وهذا ينافي قوله تعالى : (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢).
__________________
(١) الأعراف : ١٥١.
(٢) النجم : ٤ و ٥.