إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨)
____________________________________
فإن الإنسان إذا أعرض عن أمر كبير لا بد وأن يختلق لنفسه تبريرات وأعذارا ، ليبرّر موقفه ، وذلك هو النفاق (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) أي يلقون جزاء بخلهم ، فالضمير عائد إلى البخل ، وأريد به جزاءه ، أو المراد نفس البخل ، بناء على تجسيم الأعمال ، أو الضمير عائد إلى الله سبحانه المعلوم من السياق ، و «ملاقاة الله» إنما هي في القيامة بملاقاة حسابه ، فإنه سبحانه منزّه عن المكان والرؤية.
وذلك بسبب ما (أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) بسبب خلفهم للعهد الذي عاهدوا ، من أن الله إذا أعطاهم من فضله تصدّقوا وكانوا شاكرين (وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) أي وبسبب كذبهم على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو المراد بالكذب عليه : أن الصدقة أخت الجزية ـ كما تقدم ـ.
[٧٨] (أَلَمْ يَعْلَمُوا) استفهام إنكاري ، أي أليس يعرف هؤلاء المنافقون (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) المخفي في نفوسهم (وَنَجْواهُمْ) التي يتناجون بها مع أمثالهم من المنافقين؟ فإن المنافق لا بد وأن يتناجى مع أمثاله لجعل حلول ومبرّرات لموقفهم النفاقي ، كما تدور الأسرار في نفوسهم فيقلبون أوجه الرأي للخلاص من مأزقهم (وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) يعلم ما غاب عن الحواس ، من الأمور المختفية في النفوس ، والنجوى ، وغيرهما ، فإذا علموا ذلك ، فلما ذا لا يخشون منه سبحانه ولا يفعلون حسب مرضاته؟