فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥)
____________________________________
[٥٥] (فَلا تُعْجِبْكَ) يا رسول الله (أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) أي لا يأخذ بقلبك ما تراه من كثرة أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم ، ولا تنظر إليهم بعين الإعجاب ، فإن الأموال والأولاد قد تكون نعمة وخيرا حينما يشكر الإنسان وجودها ويصبر ويحتسب لفقدها ، أما إذا لم تكن كذلك ، فهي بالعكس تصبح وبالا على الإنسان (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها) بهذه الأموال والأولاد (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فإن النفس غير المطمئنة تكون دائمة القلق على مصير الأموال والأولاد لأنها دائمة الخوف عليهما ، أما المؤمن فإن بقيت أمواله وأولاده شكر وإن ذهبت صبر ، وعلم أن ذلك موجب للأجر والثواب ، فلا يكون خائفا قلقا.
قال أحد الكافرين : إن أعجب ما رأيت من شيخ مسلم أنه كان صاحب أغنام تعدّ بالألوف وكان جميع كيانه بها وإذا به يفاجأ ذات يوم ـ وأنا عنده ـ بأن يخبره آت قائلا : إن الأغنام ذهب بها السيل ، قال : وكنت أترقب انقلابا في حال الشيخ الذي ذهب كل كيانه بذهاب أغنامه ، وإذا به يقول : «إنا لله وإنا إليه راجعون ، وماذا نصنع؟ نتوكل على الله ، ونصبر ، فهو خير للصابرين» وكأن أمرا لم يحدث.
(وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ) تهلك وتذهب بالموت بصعوبة ، فهم قد عاشوا في الدنيا بصعوبة وقلق ، وها هم يموتون ، وحينما تريد أرواحهم أن تخرج ، تخرج بصعوبة ، فيموتون بكل صعوبة (وَهُمْ كافِرُونَ) فقد عاشوا أشقياء ، وماتوا أشقياء ويحشرون أشقياء إذ ماتوا كافرين. ثم إن جملة «تزهق» إما استئنافية ، وإما عطف على «ليعذبهم». وإرادة الله