إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤)
____________________________________
لا يتقبل الله منكم الإنفاق. فاللفظ أمر والمعنى الشرط.
ثم بيّن السبب بقوله : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) خارجين عن طاعة الله سبحانه ، والفاسق لا يتقبل منه الإنفاق ، لأن قبول الأعمال مشروط بالتقوى وهو منفي عنهم ، قال سبحانه : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (١).
[٥٤] (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ) : أيّ شيء منع قبول إنفاقهم والإثابة عليه؟ إنه كفرهم (إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) فإن الكفر الباطني مانع عن قبول الأعمال ، وإن أظهر الإسلام (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) متثاقلين ، فإن المؤمن حيث امتلأ إيمانا يقدم على الطاعات بكل شوق ورغبة ، بخلاف المنافق الذي لم يذعن قلبه لشيء ، فإنه لا يأتي الصلاة وسائر الطاعات إلّا متثاقلا كسلانا فإنه يريد بذلك إراءة الناس (وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) للإنفاق ، لأنهم لا يدفعون المال عن عقيدة وإخلاص ، وإنما يدفعون للتستر بالإسلام والتحفّظ على أنفسهم من ألسنة المؤمنين ، لئلّا يظهر ما ينوون من الكفر والنفاق.
__________________
(١) المائدة : ٢٨.