وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩)
____________________________________
[٤٩] (وَمِنْهُمْ) أي من المنافقين المتخلّفين في غزوة تبوك (مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) يا رسول الله في التخلّف (وَلا تَفْتِنِّي) لا توقعني في الفتنة ، بأن تأمرني فلا ألبّي الطلب ، أو المراد : لا تفتني ببنات الأصفر.
فقد ذكر المفسرون : أن رسول الله لما استنفر الناس إلى حرب الروم في تبوك قال : انفروا لعلكم تغنمون بنات الأصفر ، فقام جد بن قيس أخو بني سلمة فقال : يا رسول الله ائذن لي ولا تفتني ببنات الأصفر ، فإني أخاف أن أفتتن بهن ، فقال : قد أذنت لك ، فنزلت الآية. ويسمّى الروم بنوا الأصفر ، لأن حبشيا غلب على ناحية الروم وكان له بنات قد أخذن بياض الروم وسواد الحبشة فكنّ صفرا لعسا ـ كما عن الفراء ـ.
ثم إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جزى هذا الرجل بصنيعه فقد قال لبني سلمة : من سيدكم؟ قالوا : جد بن قيس إلا أنه بخيل جبان. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وأي داء أدوى من البخل ، بل سيدكم الفتى الأبيض الجعد بشر بن البراء بن المعرور (١).
(أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) إنهم أظهروا بتخلفهم الفرار عن الفتنة ، فقد سقطوا في الفتنة بتخلفهم عنك وعصيانهم لك ، فإن الإذن عن كره كعدمه (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) تحيط بهم فلا مخلّص لهم منها. ولعل هذا التعبير بمناسبة أنهم أظهروا الفرار من الفتنة ، لكن
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٩٣.