عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
____________________________________
(عُدَّةً) أهبة ، فإن العدة والأهبة والآلة نظائر (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) الانبعاث هو الانطلاق بسرعة في الأمر (فَثَبَّطَهُمْ) أي أوقفهم عن الجهاد بالتزهيد فيه فرغبوا عنه (وَقِيلَ) القائل هو الله سبحانه ـ بلسان الحال ـ أو إخوانهم المنافقون : (اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) النساء والصبيان والعجزة الذين بقوا في المدينة ولم يخرجوا للجهاد.
إن أمر الجهاد كان متوجها إليهم مع صفاء النية وخلوص القصد ، أما أنهم نافقوا وكانوا لو خرجوا ألقوا التشويش والاضطراب ـ كما هو شأن المنافق في كل حركة ـ بالنميمة بين المسلمين ، وكان الضرر في خروجهم أكثر ، فالأحرى أن لا يخرجوا ، فالله سبحانه كره ذهابهم للغزو لهذه الجهة فلم يوفّقهم للجهاد. وقد مرّ مكررا أنه تصحّ نسبة الفعل إليه سبحانه باعتبار أنه لم يزل العائق تكوينا ، كما يقال : «إن الملك عوّق ذهاب الجيش ولم يدعهم يذهبوا» ، فيما إذا لم يزل العائق أمامهم.
[٤٧] ثم بيّن سبحانه سبب كره الله انبعاثهم بقوله : (لَوْ خَرَجُوا) أي خرج هؤلاء المنافقون إلى الجهاد (فِيكُمْ) أي في ضمنكم أيها المسلمون (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) «الخبال» هو الفساد ، أي كان خروجهم معكم سببا للفساد والاضطراب ، فإن المنافق دائم النقد للحركات ، كثير التخذيل مما يوجب فسادا واضطرابا وتشويشا (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) «الإيضاع» الإسراع في السير ، و «الخلال» بمعنى «البين» ، أي أسرعوا